تعزيز التعاون بين الهند والسعودية فى مختلف المجالات

شهدت العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الهند تطورًا كبيرًا مع التوسع الجديد في مجلس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، ما يعكس قوة التحالف القائم بينهما وتوجهه نحو آفاق أوسع تشمل مجالات السياسة والاقتصاد والدفاع والطاقة والثقافة وغيرها.
توسيع مجلس الشراكة الاستراتيجية وتفعيل اللجان الوزارية
رحبت الرياض ونيودلهي بتوسيع “مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي الهندي” ليشمل أربع لجان وزارية جديدة، أبرزها لجنة التعاون الدفاعي، ولجنة التعاون في مجالي السياحة والثقافة.
ويأتي هذا التوسيع بعد زيارة رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، إلى المملكة بدعوة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهي الزيارة الثالثة له إلى السعودية.
وقد ترأس الزعيمان الاجتماع الثاني للمجلس، مؤكدين التزامهما بتعميق الشراكة من خلال تنسيق السياسات والمشروعات الحيوية.
تعاون سياسي ودولي متنامٍ في المحافل العالمية
أكد الجانبان أهمية تعزيز التنسيق داخل المنظمات الدولية كالأمم المتحدة، ومجموعة العشرين، وصندوق النقد والبنك الدوليين، بما يخدم مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
كما شددا على دور المجلس في التنسيق السياسي وتعزيز الأمن والاستقرار، وتبادلا وجهات النظر حول قضايا إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك.
نهضة اقتصادية واستثمارات استراتيجية مشتركة
أشاد القائدان بالتقدم الكبير في الشراكات الاقتصادية والاستثمارية، بما في ذلك نجاح منتدى الاستثمار السعودي الهندي في نيودلهي، وتوسع استثمارات المملكة في الهند ضمن قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والتكنولوجيا، والصحة.
وتم الاتفاق على تسريع التفاهمات بين فرق العمل رفيعة المستوى، واستكمال مفاوضات اتفاقية الاستثمار الثنائية قريبًا، بالإضافة إلى افتتاح مكتب لصندوق الاستثمارات العامة السعودي في الهند لتسهيل تدفق الاستثمارات.
التعاون في قطاع الطاقة وتحقيق استقرار الأسواق
اتفقت السعودية والهند على دعم استقرار أسواق النفط العالمية، والتعاون في مجالات التكرير، والبتروكيماويات، والطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والكهرباء، والربط الكهربائي، إضافة إلى تعزيز الابتكار في استخدام الهيدروكربونات.
كما تم التأكيد على تطوير مشاريع تخزين الطاقة، وأمن الشبكات الكهربائية، والعمل على توطين التقنيات الحديثة في البلدين.
التصدي لتغير المناخ وتعزيز الاقتصاد الدائري للكربون
أكد الطرفان التزامهما باتفاقية باريس وتطوير حلول مستدامة للحد من الانبعاثات، مشيدين بمبادرات “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر”، وداعمين التعاون في تطوير الاقتصاد الدائري للكربون. كما أبدت الهند تقديرها للمساهمات السعودية في قيادة المبادرات المناخية إقليميًا وعالميًا.
علاقات تجارية متصاعدة وشراكة دفاعية محورية
سجلت العلاقات التجارية بين البلدين نموًا مستمرًا، حيث أصبحت الهند ثاني أكبر شريك تجاري للسعودية، فيما حلّت المملكة في المرتبة الخامسة بالنسبة للهند.
وتم الاتفاق على تنويع التجارة وتنظيم فعاليات اقتصادية، فضلًا عن التعاون في اتفاقية التجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي.
من جهة أخرى، تم إنشاء لجنة وزارية للتعاون الدفاعي، وأكد الجانبان أهمية التدريبات المشتركة، وتطوير الصناعات العسكرية، وتبادل الخبرات بين القوات المسلحة.
تنسيق أمني متقدم ومكافحة الإرهاب
دان الطرفان الهجوم الإرهابي الذي وقع في باهالجام، مؤكدين رفضهما للإرهاب والتطرف بجميع أشكاله، ورفض ربطه بأي دين أو ثقافة. وشددا على أهمية التعاون في الأمن السيبراني، ومكافحة الجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات، وضمان أمن الحدود.
الصحة والتعليم والعلوم: أولويات استراتيجية مشتركة
تم توقيع مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الصحة، وتنظيم المنتجات الطبية، ومكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.
كما أشاد الجانبان بفرص التعاون في المجال العلمي والتعليمي، بما في ذلك دعوة الجامعات الهندية لإنشاء فروع في المملكة، وتطوير الابتكار وبناء القدرات البشرية.
الثقافة والسياحة: جسور للتواصل الشعبي
أكدت السعودية والهند أهمية التعاون الثقافي والشعبي، من خلال مهرجانات ثقافية، وتبادل الخبرات في السينما، والتراث، والفنون. كما تم إنشاء لجنة وزارية خاصة بالسياحة والثقافة لتعزيز هذا الجانب الحيوي. وأشاد الجانبان بفرص السياحة المستدامة، والتعاون الإعلامي، وتوسيع مجالات الرياضة والترفيه.
رؤية مشتركة للممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا
استعرض الطرفان التقدم في تنفيذ الممر الاقتصادي الذي تم الاتفاق عليه في سبتمبر 2023، والذي يشمل تطوير البنية التحتية وربط الموانئ والسكك الحديدية والكهرباء والبيانات.
ويهدف المشروع إلى تعزيز التجارة وربط الأسواق الآسيوية والأوروبية، مما يعكس رؤية استراتيجية طموحة لتعزيز التكامل الإقليمي.