اقتصاد وتكنولوجيا

الشريحة الدماغية الثالثة: ثورة طبية أم تهديد للخصوصية؟

أعلنت شركة “نيورالينك”، المتخصصة في تطوير واجهات الدماغ والحاسوب (BCI) والتي أسسها إيلون ماسك، عن نجاح عملية زرع شريحة دماغية ثالثة في مريض بشري.

وأكدت الشركة أن المرضى الذين خضعوا لهذا الإجراء يتمتعون بحالة صحية جيدة. تسعى هذه التقنية لتحسين حياة المرضى المصابين بأمراض عصبية مزمنة، وقد مكنت المستخدمين من أداء مهام مبتكرة كالتفاعل مع الحاسوب، تصفح الإنترنت، وحتى التحكم في الألعاب باستخدام أفكارهم فقط.

رغم هذا الإنجاز، تثير الشرائح الدماغية تساؤلات حول الأمان والخصوصية. أشار الدكتور محمد محسن رمضان، مستشار الأمن السيبراني، إلى أن هذه التقنية قد تجعل المستخدمين عرضة لخطر اختراق بياناتهم الحساسة.

ويمكن أن تتحول الشرائح إلى مصدر لجمع معلومات دقيقة عن الأفكار والمشاعر، مما قد يؤدي إلى تهديد الخصوصية الشخصية واستغلال البيانات بطرق غير أخلاقية.

إمكانية التحكم في الوعي الجمعي

أحد أخطر الاحتمالات هو استخدام الشرائح للسيطرة على وعي الأفراد وتوجيه أفكارهم ومشاعرهم، مما يشكل تهديدًا كبيرًا للحرية الفردية.

وقد يؤدي هذا إلى بيئة يُمكن فيها التلاعب بالسلوك البشري والتأثير على القرارات الجماعية، مما يثير مخاوف بشأن التأثير السلبي على المجتمعات.

أضاف الخبير أن الشرائح الدماغية قد تستخدم لأغراض تجسسية، أو كأداة لفرض رقابة مشددة على الأفراد. في حال اختراق هذه الشرائح، يمكن تسريب بيانات تتعلق بالحياة الشخصية، ما قد يعرض المستخدمين للخطر.

التحول إلى آلات قابلة للتوجيه

من بين القضايا المصيرية التي تطرحها هذه التقنية هو احتمال أن يصبح الإنسان أقرب إلى آلة قابلة للتوجيه، حيث يمكن تحميل معارف محددة إلى الدماغ لتأدية وظائف معينة دون الحاجة للتدريب العملي.

على سبيل المثال، قد يصبح بإمكان شخص أن يؤدي وظيفة طبيب أو محامٍ بعد تحميل معلومات مهنية محددة إلى عقله، مما قد يقلل من الإبداع والابتكار الشخصي.

 تعزيز القدرات العقلية وغياب تكافؤ الفرص

يشير الخبير إلى أن هذه الشرائح قد تمنح مستخدميها قدرات عقلية فائقة، مما يؤدي إلى خلق فجوة كبيرة بين من يمتلكون هذه التقنية ومن لا يمتلكونها. هذا التفوق قد يؤثر على مبدأ تكافؤ الفرص، حيث ستصبح القرارات والتعلم حكراً على فئة معينة، بينما يتخلف الآخرون.

 التأثير على المشاعر والعلاقات الإنسانية

من بين المخاطر الأخرى أن تؤثر الشرائح على المشاعر الطبيعية للإنسان، حيث يمكن برمجتها لتوجيه المشاعر والتفاعلات الاجتماعية بشكل مصطنع. هذا قد يؤدي إلى تدهور طبيعة العلاقات الإنسانية، مما يهدد أصالتها وأبعادها العاطفية.

رغم كل المخاوف، تفتح تقنية “نيورالينك” آفاقًا واسعة لعلاج أمراض عصبية مستعصية وتحسين جودة الحياة.

ومع ذلك، يبرز تحدٍ كبير للمجتمع العلمي والقانوني لضمان استخدام هذه التقنية بشكل أخلاقي وآمن، بحيث لا تتحول من أداة علاجية مبتكرة إلى خطر يهدد الحرية والخصوصية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى