شارل ميشال دي ليبي: رائد لغة الإشارة الذي غيّر حياة فاقدي السمع
منذ القدم، استخدم فاقدى حاسة السمع لغة الإشارة للتواصل مع بعضهم البعض ومع المجتمع المحيط بهم. رغم تطور هذه اللغة على مر السنين واختلافها من منطقة لأخرى، إلا أنها ظلت تعاني من عدم الاعتراف والتقدير في المجتمعات القديمة التي كانت تصنف فاقدي السمع على أنهم متأخرون ذهنياً وتقصيهم من الحياة العامة.
شارل ميشال دي ليبي: الأب الروحي للغة الإشارة الحديثة
شهد القرن الثامن عشر تحولًا كبيرًا في تاريخ لغة الإشارة بفضل جهود رئيس الدير الفرنسي شارل ميشال دي ليبي، المولود عام 1712. قام دي ليبي بجولات في المدن الفرنسية لتقديم التعليم الديني للأطفال الفقراء، إلا أن لقاءه مع شقيقتين فاقدتين للسمع في باريس غير مسار حياته، حيث بدأ بتعلم لغة الإشارة منهما وأسس مدرسة لتعليم الأطفال فاقدي السمع.
تأسيس مدارس لفاقدي السمع بفضل دي ليبي
حول دي ليبي منزله إلى مدرسة تستقبل الأطفال فاقدي السمع، واستطاع في فترة وجيزة تعليم 60 طفلًا، بينما قام 17 من تلاميذه بتأسيس مدارس مشابهة في مختلف أنحاء فرنسا.
بفضل هذا العمل، أصبح دي ليبي أول من وضع منهجًا نظاميًا للغة الإشارة، مما أتاح لفاقدي السمع فرصة الحصول على تعليم شبيه بذلك الذي يتلقاه بقية الأطفال.
إسهامات دي ليبي في تعزيز حقوق فاقدي السمع
أصر دي ليبي على أن لغة الإشارة هي لغة طبيعية يمتلكها فاقدو السمع، وقام بتطويرها لتصبح وسيلة معترف بها للتواصل والتعليم. وبفضل جهوده، تمكن فاقدو السمع من المشاركة في المجتمع الفرنسي الذي كان في السابق يستثنيهم ويعتبرهم متخلفين عقلياً.
دي ليبي: صديق الإنسانية وفاعل الخير
توفي دي ليبي عام 1789 بعد أن فقد ثروته وأصبح مقعداً، لكن إرثه استمر. وفي عام 1791، وخلال الثورة الفرنسية، قرر المجلس الوطني الفرنسي تكريمه واعتباره صديقًا للإنسانية، وقرر منح فاقدي السمع كامل حقوقهم المدنية، مما مثل انتصاراً كبيراً لجهود دي ليبي في دعم هذه الفئة.