تقاليد استقبال الحجاج: عودة إلى الجذور والفرح المجتمعي
تُعد عودة ضيوف الرحمن إلى أرض الوطن من المناسبات ذات الطقوس الاحتفالية العريقة، التي رغم اندثار الكثير منها بسبب تسارع وتيرة الحياة الحديثة، إلا أن بعض المناطق ما تزال تحافظ على تقاليد استقبال الحجاج. حيث تتزين مداخل البيوت بأضواء ترحيبية، ويتم تهنئة الحجاج بعودتهم وفتح صفحة جديدة مع النفس، مما يعزز الروابط الاجتماعية.
مظاهر الاحتفال في الدول العربية
التراث الإماراتي
تروي فاطمة المغني، خبيرة التراث الإماراتي وعضو المجلس الاستشاري في الشارقة سابقاً، أن رحلة الحج قديمًا كانت تستغرق أكثر من 6 أشهر، تبدأ من ثالث أيام عيد الفطر، ويتم الإعلان عن عودة الحجاج عبر القوافل أو التلغراف.
كان المبشر يجوب الشوارع معلنًا «يا قوم البشارة.. البشارة.. الحجاج وصلوا طلعوا من سلوى أو الدمام»، فتبدأ النساء بتعليق الأعلام الخضراء والبيضاء وتزيين الأطفال بالحناء.
أحد التقاليد الإماراتية هو «النثور»، حيث يتم تحضير سلال من سعف النخيل تحتوي على قطع معدنية وحلويات وأزهار، تُنثر على رؤوس الحجاج عند عودتهم. كما تطهو النساء الأكلات الشعبية وتجهز ملابس جديدة للحجاج.
الاحتفالات المصرية
يوضح عبد الفتاح صبري، كاتب مصري، أنه عند رحيل الحجاج، يجتمع الأهل والجيران لتوديعهم بالود والدعوات الصالحة.
وقبل عودة الحاج، يتم تهيئة بيته ودهان الحوائط الخارجية باللون الأبيض، مع رسم الكعبة ووسائل السفر وتزيينها بعبارات مثل «ألف مبروك.. حج مبرور وذنب مغفور». يتم استقبال الحاج بالأناشيد الدينية والهدايا، ورغم تلاشي بعض هذه العادات، إلا أن المدن والقرى مازالت تحتفظ بها.
التقاليد السودانية
قالت نصرة عبد الرحمن، ربة منزل سودانية، إن استقبال ووداع الحجاج في السودان يتم بالتهليل والتكبير والزغاريد والذبائح.
يُكتب على بيت الحاج عبارة «حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً»، وتُقام وليمة كبيرة. رغم اندثار بعض التقاليد، لا يزال الحجاج يحرصون على جلب الهدايا المميزة للأهل والأصدقاء.
الطقوس الشامية
يصف أحمد الزين، مؤسس شركة لتجارة المعدات الصناعية في الإمارات، العادات السورية في استقبال الحجاج، حيث تُزين منازل الحجاج بالمصابيح المضيئة واللافتات المهللة، ويتم نحر الأضاحي وتوزيعها على الفقراء.
تستمر الاحتفالات لمدة 7 أيام، رغم اندثار معظم الطقوس والتغيرات التكنولوجية الحديثة، إلا أن الروح الاحتفالية تظل موجودة.
العادات الهندية
يشير هاشم باتيلاث، العامل في مجال المبيعات، إلى أن عودة الحجاج في الهند كانت مناسبة اجتماعية وروحية مهمة، ترافقها احتفالات كبيرة.
كان الأهل والأصدقاء يجتمعون في المطار أو محطة القطار لاستقبال الحجاج بالأكاليل والحلويات، ويشاركون في جلسات صلاة للتعبير عن الامتنان.
ورغم تحول هذه الاحتفالات لتقتصر على العائلة والأصدقاء المقربين، تظل روح الامتنان والتواصل المجتمعي قائمة، ما يربطهم بجذورهم وإيمانهم المشترك.