تقارير

اليابان تحيي أكبر محطة نووية في العالم.. ما أهميتها؟

كتبت: سارة محمود

 

اتخذت اليابان خطوة حاسمة نحو إعادة تشغيل محطة كاشيوازاكي-كاريوا للطاقة النووية، الأكبر في العالم من حيث السعة، بعد مرور ما يقارب 15 عامًا على كارثة فوكوشيما التي أعادت تشكيل سياسة الطاقة في البلاد. يوم الاثنين، منح مجلس محافظة نيغاتا الثقة لحاكمها هيديو هانازومي، الذي أيد إعادة التشغيل الشهر الماضي. ويزيل هذا التصويت فعليًا آخر عقبة سياسية أمام استئناف العمليات في المحطة، الواقعة على بعد حوالي 220 كيلومترًا شمال غرب طوكيو.

 

كانت كاشيوازاكي-كاريوا من بين 54 مفاعلًا تم إغلاقها عام 2011 بعد أن تسبب زلزال وتسونامي في انصهار نووي في محطة فوكوشيما دايتشي. ومنذ ذلك الحين، أعادت اليابان تشغيل 14 مفاعلًا من أصل 33 مفاعلًا عاملًا.

 

يمثل إعادة تشغيل المحطة علامة فارقة رمزية وعملية في عودة اليابان إلى الطاقة النووية، لا سيما وأن شركة طوكيو للطاقة الكهربائية (تيبكو)، وهي الشركة نفسها التي كانت تدير محطة فوكوشيما دايتشي، ستتولى تشغيلها.

 

كما يعكس هذا القرار تزايد الضغوط على اليابان لتأمين مصادر طاقة مستقرة ومنخفضة الكربون، في ظل ازدياد استهلاك الطاقة نتيجةً لانتشار مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والتحول إلى الكهرباء.

إقرأ أيضاً: «جيميني» و«تشات جي بي تي».. كيف أثر الذكاء الاصطناعي على أسواق الأسهم اليابانية؟

 

أهمية الأمر

 

قال محمد صلاح الدين، المحلل والباحث في الشأن الآسيوي بأن اليابان تسعى إلى تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري واستبداله بمصادر أخرى للطاقة من بينها الطاقة النووية، خاصة أن الوقود الأحفوري المستورد، يشكل ما بين 60% و70% من توليد الكهرباء في البلاد، وكلفها ما يصل إلى 68 مليار دولار خلال العام الماضي، ويأتي ذلك في وقت تؤيد فيه رئيسة وزراء اليابان ساناي تاكايتشي الحد من تكاليف الوقود الأحفوري، وإعادة تشغيل المفاعلات النووية لتعزيز أمن الطاقة.

 

وأضاف صلاح الدين في حوار خاص لموقع “داي نيوز” الإخباري أنه بحسب صحيفة أساهي شيمبون فإن اليابان تتوقع زيادة الطلب على الطاقة رغم التراجع الديمغرافي بسبب مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي المستهلكة بصورة كثيفة للطاقة، في وقت تعمل فيه على الوفاء بالتزاماتها بخفض الانبعاثات، ولذلك حددت هدفا يتمثل في مضاعفة حصة الطاقة النووية في مزيج الكهرباء إلى 20% بحلول عام 2040.

 

المعارضة الشعبية والمخاوف المحلية

 

وأختتم المحلل بأنه تبقى مسألة القبول الشعبي أمرًا حاسمًا خاصة أن ذكريات الكارثة لا تزال في الأذهان، وفي هذا السياق، أظهر استطلاع في أكتوبر أن 60% من السكان لا يعتقدون استيفاء شروط إعادة التشغيل،  بينما أعرب نحو 70% عن قلقهم من تولي شركة طوكيو للطاقة الكهربائية “تيبكو””Tokyo Electric Power Co “TEPCO تشغيل المحطة.

كما ذكرت الصحف اليابانية أنه تجمّع نحو 300 متظاهر أمام مبنى المجلس يوم الاثنين، رافعين لافتات مناهضة للطاقة النووية وهاتفين بشعارات معارضة لإعادة التشغيل.

يقول بعض السكان، بمن فيهم من تم إجلاؤهم من فوكوشيما ويعيشون الآن في نيغاتا، إن المخاطر لا تزال غير مقبولة، وإن إعادة تشغيل المفاعل تُعيد إلى الأذهان ذكريات كارثة عام ٢٠١١ المؤلمة، ولا يزال الكثيرون يعارضون هذا الأمر، مشيرين إلى مخاوف تتعلق بالسلامة وعدم الثقة بشركة تيبكو.

من المتوقع أن تمضي شركة تيبكو قدمًا في الاستعدادات لإعادة تشغيل المفاعل الأول، رهنًا بالفحوصات الفنية والتنظيمية النهائية.

إقرأ أيضاً: فوكوشيما ليست النهاية.. اليابان تستعد للعودة للطاقة النووية مجدداً

 

رأي خبراء الطاقة النووية

 

ومن المرجح أن تعتمد عمليات إعادة التشغيل اللاحقة، وإمكانية بناء مفاعلات جديدة، على قدرة مفاعل كاشيوازاكي-كاريوا على العمل دون حوادث، واستعادة ثقة الجمهور في الطاقة النووية.

ويقول خبراء في الطاقة النووية أن إعادة تشغيل هذه المحطة هو حدث مهم اقتصادياً، بيئياً، واستراتيجياً لليابان، لأنها تساعد على تأمين كهرباء كبيرة منخفضة الكربون وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد، بعد سنوات من التردد في استخدام الطاقة النووية، كما أن إعادة التشغيل تمت بعد مراجعات سلامة صارمة وموافقة الجهات المحلية.

Sara Mahmoud

سارة محمود كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي والباكستاني خبرة 8 سنوات في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل: فرسان للأخبار الإماراتية، وموقع العين الإخبارية، وأبلكيشن الزبدة الإخباري وداي نيوز الإخباري، ونافذة الشرق الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة، وكذلك كتابة اسكريبت فيديوجراف وإنفوجراف. أهتم بالتحليل السياسي والإعلامي لدول جنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى