استحواذ نتفليكس على “وارنر براذرز”.. صفقة تقلب موازين هوليوود

أحدث إعلان نتفليكس عن إتمام صفقة شراء استوديو “وارنر براذرز” العريق هزة عنيفة في هوليوود، إذ لم يُنظر إليها كعملية استحواذ تقليدية، بل كتحول جذري في بنية صناعة السينما العالمية، ورمز لهيمنة المنصات الرقمية التي تواصل توسّع نفوذها بلا توقف.
فالصفقة، كما يرى محللون، تعدّ سابقة تاريخية؛ إذ إنها المرة الأولى التي تبتلع فيها منصة بثّ رقمي استوديو سينمائياً عمره أكثر من قرن، تاريخه ممتد لـ102 عام، ويمتلك إرثاً ضخماً من الأفلام التي صنعت ذاكرة السينما العالمية.
لماذا يعتبر الاستحواذ زلزالاً في عالم السينما؟
بحسب وكالة أسوشييتد برس، تعود صدمة هوليوود من الصفقة إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
1. مكانة وارنر براذرز التاريخية
تعد الشركة واحدة من “الخمسة الكبار” الذين بُنيت عليهم صناعة السينما الأميركية، وهي صاحبة أعمال ضخمة مثل *هاري بوتر*، *باتمان*، و*كازابلانكا*. لطالما كانت هوليوود قائمة على قوّة استوديوهاتها، وامتلاك نتفليكس لأحد أعمدتها الخمسة يعيد توزيع السلطة بشكل غير مسبوق ويغيّر هرم القوة التقليدي في الصناعة.
2. الاستحواذ جاء في ذروة نجاح الاستوديو وليس لإنقاذه
ما يجعل الصفقة مفاجِئة أن وارنر براذرز تعيش فترة ازدهار لا أزمة. فهي تتصدر شباك التذاكر الأميركي بثلاثة أفلام ضمن الخمسة الأوائل (*A Minecraft Movie*، *Superman*، *Sinners*)، كما ينافس فيلمها *One Battle After Another* بقوة على جوائز الأوسكار.
وبالتالي، فالصفقة ليست محاولة إنقاذ، بل إعادة رسم لخارطة النفوذ السينمائي.
3. مخاوف عميقة من مستقبل العرض السينمائي
دخول نتفليكس إلى منطقة الاستوديوهات التقليدية يطرح سؤالاً وجودياً حول مستقبل صالات السينما. فمع أن الشركة أكدت التزامها بالحفاظ على الدورة السينمائية المعتادة، تخشى دور العرض من أن تقوم نتفليكس لاحقاً بتقليص مدة العرض في السينما أو تفضيل البث المنزلي.
هذا القلق يتصاعد في وقت لم يتعافَ فيه شباك التذاكر الأميركي بالكامل منذ الجائحة، إذ تراجعت الإيرادات من 11 مليار دولار إلى أقل من 9 مليارات في معظم السنوات.
تأثير الصفقة على المخرجين
تعرف وارنر براذرز بأنها “بيت المخرجين”، إذ يعمل معها مخرجون كبار مثل دينيس فيلنوف وجيمس غان وبول توماس أندرسون ورايان كوغلر.
هؤلاء يشددون دائماً على أهمية العرض السينمائي الكامل قبل أي بث رقمي.
وسابقة 2021 حين عرضت وارنر أفلامها بالتزامن مع HBO Max أدت إلى خلاف كبير مع كريستوفر نولان، الذي غادر الشركة بعد شراكة دامت 20 عاماً.
لذلك يتوقف بقاء هؤلاء المخرجين مع الاستوديو على مدى احترام نتفليكس للنظام السينمائي التقليدي.
ماذا عن مصير HBO Max؟
حتى الآن، لم يتضح ما ستفعله نتفليكس بمنصة HBO Max. الخيارات المتوقعة تشمل:
* دمج المنصتين في خدمة واحدة،
* تقديم باقات مشتركة،
* أو الإبقاء عليهما منفصلتين مع توزيع المحتوى بشكل متبادل.
وفي كل الحالات، ستحصل نتفليكس على مكتبة ضخمة تضم أعمالاً شهيرة مثل *هاري بوتر*، *ذا ماتريكس*، ونسخ كلاسيكية من *سوبرمان*، إضافة إلى كنوز سينمائية خالدة مثل *Citizen Kane*.
تداعيات أوسع على المنافسين
يرى مراقبون أن الصفقة قد تطلق سباقاً جديداً بين عمالقة التكنولوجيا والترفيه. فالأنظار تتجه الآن إلى ردود أفعال شركات مثل أمازون وآبل، في وقت أصبح ميزان القوى داخل هوليوود أكثر تقلباً من أي وقت مضى.
تعيش هوليوود لحظة مفصلية قد تغيّر شكل الصناعة بالكامل. فاستحواذ نتفليكس على وارنر براذرز قد يكون بداية عهد جديد، وربما أكبر تحول تشهده السينما منذ ظهور التلفزيون.



