تقارير

زيارة بوتين إلى الهند.. تعزيز الشراكة أم تحدٍ مباشر لسياسات ترامب؟

كتبت: سارة محمود

سيزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهند هذا الأسبوع لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. ويتوقع الخبراء أن يتصدر جدول أعمالهما إعادة تأكيد العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة والمشتريات الدفاعية.

كما سيحضر بوتين القمة السنوية الثالثة والعشرين بين الهند وروسيا خلال زيارته الرسمية التي تستمر يومين يومي الخميس والجمعة.

وتأتي هذه الزيارة في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أغسطس بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية، بما في ذلك غرامة بنسبة 25% على مشترياتها من النفط الروسي.

زار بوتين الهند آخر مرة في ديسمبر 2021، قبل أسابيع من بدء روسيا غزوها لأوكرانيا. لم تُدِن الهند هذه الخطوة صراحةً، لكنها دعت إلى الحوار والدبلوماسية لإنهاء الصراع. في عام 2022، قال مودي لبوتين على هامش قمة إقليمية في أوزبكستان: “عصر اليوم ليس عصر حرب”. لكن مهما كانت مخاوف مودي، واصلت الهند شراء النفط الروسي بأسعار مخفضة، على الرغم من أنها خفضت مشترياتها مؤخرًا ردًا على الرسوم الإضافية الأمريكية وعقوبات إدارة ترامب على شركتي النفط الروسيتين روسنفت ولوك أويل.

ويتوقع الخبراء أن يحث بوتين الهند على مواصلة شراء النفط الروسي، ومن المرجح أن تُجدد نيودلهي التزامها بعلاقتها في مجال الطاقة مع روسيا. ومع ذلك، فإن البيئة غير مواتية للشركات الهندية للتعامل مع موسكو.

من المتوقع أيضًا أن تُشكّل مناقشات العلاقات الدفاعية أبرزَ معالم زيارة بوتين، إذ تُعدّ روسيا موردًا دفاعيًا رئيسيًا للهند. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن التركيز سينصبّ على مشتريات الهند المستقبلية من أنظمة الدفاع الجوي إس-400، حيث استحوذت نيودلهي بالفعل على ثلاثة منها، ومن المتوقع تسليم اثنتين أخريين بحلول نهاية العام المقبل بموجب اتفاقية وُقّعت عام 2018. كما أفادت تقارير بأن الهند تدرس الإنتاج المشترك لطائرات سو-57 المقاتلة الشبحية الروسية من الجيل الخامس.

من المرجح أيضًا أن تحتل حرب أوكرانيا مكانة بارزة في محادثات مودي وبوتين. وأنه من المتوقع أن يندد مودي مجددًا بعبثية حرب أوكرانيا لأنها لم تؤثر على روسيا وأوكرانيا فحسب، بل على العالم أجمع، بما في ذلك الهند.

أهمية هذه الزيارة للهند

وفي تصريح خاص لموقع “داي نيوز” قال المحلل والباحث في الشؤون الاستراتيجية والجيوسياسية، محمد ريحان رجبوت: تُعدّ زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للهند يومي 4 و5 ديسمبر 2025 بالغة الأهمية للهند. فهي تُعزز الصداقة العريقة بين البلدين، والتي يبلغ عمرها الآن 25 عامًا.

وأضاف: ستحصل الهند على المزيد من الأسلحة، مثل صواريخ إس-400، وربما طائرات مقاتلة جديدة، مما يُعزز دفاعاتها. تُزوّد ​​روسيا الهند بالنفط بأسعار زهيدة – حوالي 40% من احتياجاتها – مما يُبقي تكاليف الطاقة منخفضة على الرغم من العقوبات الغربية. سينمو حجم التجارة إلى 100 مليار دولار بفضل صفقات تُدفع بالروبية والروبل، بالإضافة إلى مشاريع في مجالات الفضاء والطاقة النووية والذكاء الاصطناعي.

وقد يُساعد هذا الهند على الحفاظ على قوتها في عالم مليء بالحروب التجارية والرسوم الجمركية الأمريكية، مما يجعلها لاعبًا رئيسيًا في دول الجنوب العالمي.

إعادة هيكلة استقلال الهند

وعند سؤال الخبير عن ما إذا كانت هذه الزيارة ستعيد تأكيد استقلال الهند الاستراتيجى عن إدارة ترامب…. فكانت إجابته بنعم، تُظهر هذه الزيارة بوضوح استقلالية السياسة الخارجية الهندية. حتى مع الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على الشركات الهندية التي تشتري النفط الروسي، والضغوط التي مارسها بشأن أوكرانيا، وأن الهند تُرحّب ببوتين. يُثبت هذا أن الهند تتخذ قراراتها بناءً على احتياجاتها الخاصة – كالطاقة بأسعار معقولة والأسلحة الموثوقة – بدلاً من الانصياع للمطالب الأمريكية.

تلتزم الهند الحياد تجاه أوكرانيا، وتستثمر في مشاريع روسية، وتُوازن علاقاتها مع أمريكا (مثل مجموعة الرباعية). هذا النهج “المتعدد التوجهات” يعني أن الهند صديقة للجميع، لكنها لا تخضع لسيطرة أحد، حتى في ظل قواعد ترامب الصارمة “أمريكا أولاً”.

زيارة بوتين للهند رسالةً إلى معارضى الهند

وأضاف رجبوت أن هذه الزيارة تُرسل رسالةً قويةً وواضحةً إلى الولايات المتحدة، أوروبا، والصين وحتى باكستان، مفادها أن العلاقات الهندية الروسية لا تزال راسخة رغم التوترات العالمية. بالنسبة للولايات المتحدة، تُشير الزيارة إلى أن الهند لن تتخلى عن روسيا تمامًا، حتى مع فرض الرسوم الجمركية، إذ سيستمر التبادل التجاري والدفاعي.

بالنسبة لأوروبا، تُلمّح الزيارة إلى رغبة الهند في السلام بين روسيا والغرب، لا في عزل موسكو تمامًا. أما بالنسبة للصين، تُظهر الزيارة أن الهند تربطها بها علاقة قوية، وتمنع بكين من الهيمنة على موسكو.

وبالنسبة لباكستان، تُحذّر الزيارة من أن روسيا تختار الهند لعقد صفقات دفاعية كبيرة، متجاهلةً جهودها. باختصار، تُخبر الزيارة العالم: الهند “صديقة للجميع” لا تخشى الضغوط الخارجية.

Sara Mahmoud

سارة محمود كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي والباكستاني خبرة 8 سنوات في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل: فرسان للأخبار الإماراتية، وموقع العين الإخبارية، وأبلكيشن الزبدة الإخباري وداي نيوز الإخباري، ونافذة الشرق الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة، وكذلك كتابة اسكريبت فيديوجراف وإنفوجراف. أهتم بالتحليل السياسي والإعلامي لدول جنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى