مصر تفتح مفيض توشكى بسبب تدفقات سد النهضة

أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية، يوم السبت 22 نوفمبر 2025، عن فتح مفيض توشكى جنوب البلاد لتصريف الكميات الزائدة من المياه الواردة من أعالي النيل، وذلك لأول مرة يتم الإعلان عنه رسميًا منذ بدء المفاوضات مع إثيوبيا حول سد النهضة.
جاء هذا القرار استجابة مباشرة للتقلبات الحادة والمفاجئة في تصريفات المياه من السد الإثيوبي، والتي تسببت في فيضانات واسعة في السودان وارتفاع غير متوقع في منسوب نهر النيل داخل مصر.
وأوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن صور الأقمار الصناعية أكدت فتح المفيض، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يعد خطوة ضرورية عندما يصل منسوب بحيرة ناصر إلى 182 مترًا فوق سطح البحر.
يهدف التصريف إلى توجيه المياه الفائضة نحو المنخفضات الصحراوية في منطقة توشكى، مما يحمي السد العالي الذي يبلغ ارتفاع قمته 192 مترًا، ويحافظ على سلامة المنظومة المائية بأكملها.
وأكد شراقي أن المنظومة المائية المصرية تعمل بكفاءة عالية وتحت سيطرة كاملة، مشددًا على أن فتح المفيض يمثل ردًا فنيًا مدروسًا على الإدارة غير المنتظمة لسد النهضة، حيث شهدت التصريفات الإثيوبية زيادة بنسبة تصل إلى 80% عن المعدلات التاريخية في بعض الفترات، مما أدى إلى تغيرات مفاجئة في تدفقات النيل الأزرق.
من جانبها، انتقدت وزارة الري المصرية بشدة النهج الإثيوبي في تشغيل السد، مشيرة إلى أنه يفتقر إلى الضوابط العلمية والفنية المطلوبة لمنشأة عملاقة على نهر دولي.
وأوضحت الوزارة أن هذه التصرفات الأحادية تعرض مجرى النيل لمخاطر غير محسوبة، وتهدد حقوق دولتي المصب (مصر والسودان) في المياه، كما تضطر السدود الواقعة أسفل السد الإثيوبي إلى اتخاذ تدابير طارئة لاستيعاب التغيرات المفاجئة.
وكانت السودان قد شهدت في الأسابيع الأخيرة فيضانات شديدة ناتجة عن التدفقات الكبيرة من إثيوبيا، مما دفع السلطات هناك إلى إعلان حالة الطوارئ في عدة ولايات ومطالبة السكان على ضفاف النيل باتخاذ احتياطات لحماية أرواحهم وممتلكاتهم. أما في مصر، فقد غمرت المياه قرية دلهمو في محافظة المنوفية، وأعلنت أربع محافظات أخرى حالة الطوارئ بسبب ارتفاع منسوب النيل.
يأتي هذا التطور وسط توتر مستمر بين القاهرة وأديس أبابا، خاصة بعد افتتاح إثيوبيا الرسمي لسد النهضة في سبتمبر الماضي. تقدمت مصر بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ضد الإجراءات الأحادية الإثيوبية، بينما ردت أديس أبابا بشكوى مضادة تتهم فيها القاهرة بعرقلة المفاوضات ومحاولة زعزعة استقرارها.
تتمسك مصر والسودان بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم ملء وتشغيل السد، في حين ترفض إثيوبيا ذلك معتبرة إياه تدخلاً في سيادتها.
وأكدت الوزارة أن لجنة إيراد النهر، التي تضم خبراء متخصصين في الهيدرولوجيا والنمذجة والاستشعار عن بعد، تتابع الموقف لحظيًا، وأن فتح المفيض جاء بناءً على تحليلات دقيقة لضمان التوازن المائي والأمان الكامل للسد العالي، الذي يظل الدرع الرئيسي لمصر أمام أي تقلبات مستقبلية.



