تصعيد عسكري في إقليم كردفان: الجيش يشن هجمات واشتباكات في بابنوسة

يشهد إقليم كردفان في وسط السودان تصعيداً حاداً في القتال بين القوات المسلحة السودانية وقو قوات الدعم السريع، حيث كثف الجيش عملياته العسكرية في ولاية شمال كردفان، خاصة في المناطق الواقعة غرب مدينة الأبيض عاصمة الولاية.
ومنذ مساء الجمعة الماضي، شهدت محاور مثل أبو قعود وأم صميمة، التي تبعد حوالي 60 كيلومتراً غرب الأبيض، قصفاً مدفعياً مكثفاً وراجمات صواريخ من جانب الجيش والقوات المساندة له، بهدف استعادة مواقع استراتيجية وفتح طريق التقدم نحو ولاية غرب كردفان وإقليم دارفور المجاور.
وفي السياق نفسه، يواصل الجيش الضغط من محور كازقيل جنوب الأبيض، مستخدماً الطيران المسير لاستهداف تجمعات قوات الدعم السريع، في محاولة لتوسيع نطاق سيطرته داخل الإقليم وتعزيز خطوط الإمداد.
أما في ولاية غرب كردفان، فتشهد مدينة بابنوسة، التي تضم مقر الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش، اشتباكات شبه يومية بالأسلحة الثقيلة والمدفعية، مع تحشيد كبير من جانب قوات الدعم السريع التي تسعى جاهدة للسيطرة على هذه القلعة الأخيرة للجيش في الولاية. ويرد الجيش بغارات جوية مكثفة باستخدام الطائرات المسيرة لإحباط أي تقدم بري، وسط هذه الحشود.
ويعد إقليم كردفان، الذي ينقسم إلى ولايات شمالية وجنوبية وشرقية وغربية، حلقة وصل حيوية تربط العاصمة الخرطوم ووسط السودان بإقليم دارفور غرباً، مما يجعله ساحة رئيسية للصراع على خطوط الإمداد العسكرية.
فالسيطرة على مدن رئيسية مثل الأبيض وبابنوسة تمنح الطرف المهيمن تفوقاً استراتيجياً في التحكم بطرق التموين نحو الخرطوم ودارفور، وهو ما يفسر احتدام المعارك هناك في الآونة الأخيرة.
على الصعيد العسكري العام في السودان، تسيطر قوات الدعم السريع حالياً على كامل ولايات إقليم دارفور الخمس باستثناء بعض المناطق الشمالية في ولاية شمال دارفور التي لا تزال تحت قبضة الجيش، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على غالبية الولايات الـ13 الأخرى في الشمال والشرقاليم الشرقية والجنوبية والوسطى، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
من الناحية الإنسانية، يعاني الإقليم من أزمة كارثية، حيث وثقت شبكة أطباء السودان وفاة 23 طفلاً خلال شهر واحد فقط في مدينتي الدلنج وكادوقلي بولاية جنوب كردفان، جراء سوء التغذية الحاد الناتج عن نقص الغذاء والأدوية الأساسية.
يأتي ذلك على خلفية الحصار المفروض من قوات الدعم السريع والمجموعات الموالية لها على المدينتين منذ يونيو 2023 لكادوقلي ومطلع 2024 للدلنج، مما حال دون دخول المساعدات الإنسانية وهدد حياة آلاف المدنيين بمجاعة واسعة النطاق إذا لم تُفتح ممرات آمنة فوراً لإيصال الإغاثة.
يبرز هذا التصعيد في كردفان استمرار الصراع الدامي في السودان، مع مخاوف متزايدة من تفاقم الوضع الإنساني في ظل الاشتباكات المستمرة وصعوبة وصول المساعدات إلى المتضررين.



