الصين تحذر رعاياها بعدم السفر إلى اليابان وسط تصعيد دبلوماسي حول تايوان

في تطور لافت يعكس التوترات المتزايدة بين بكين وطوكيو، أصدرت الصين تحذيرًا عاجلاً لرعاياها يدعوهم إلى الامتناع عن السفر إلى اليابان في الفترة المقبلة، وذلك ردًا على تصريحات اعتبرتها “استفزازية” أدلت بها رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة، ساناي تاكايتشي، بشأن قضية تايوان.
تولت تاكايتشي، التي أصبحت في أكتوبر الماضي أول امرأة تترأس الحكومة اليابانية، منصبها وسط ترقب إقليمي، وسرعان ما أثارت جدلاً واسعًا خلال جلسة برلمانية يوم 7 نوفمبر الجاري.
فقد أكدت أمام النواب أن اليابان قد تلجأ إلى رد عسكري مباشر إذا ما استخدمت الصين القوة ضد تايوان، الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي تفصلها مسافة لا تتجاوز 100 كيلومتر عن أقرب نقطة يابانية.
ووصفت تاكايتشي أي هجوم محتمل على تايوان بأنه “وضع يهدد بقاء اليابان”، مشيرة إلى أنه قد يفعّل مبدأ “الدفاع الجماعي عن النفس” المنصوص عليه في تشريع ياباني صدر عام 2015.
هذه التصريحات فسرتها بكين على أنها تلميح صريح إلى تدخل عسكري ياباني محتمل في أي نزاع حول تايوان، التي تؤكد الصين أنها جزء أصيل من أراضيها ولا تستبعد استخدام القوة لإعادة توحيدها.
ردًا على ذلك، استدعت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة السفير الياباني في بكين لتقديم احتجاج رسمي حاد.
في المقابل، قامت طوكيو باستدعاء السفير الصيني احتجاجًا على منشور إلكتروني “غير مناسب” نشره القنصل العام الصيني في أوساكا عبر الإنترنت، قبل أن يتم حذفه لاحقًا.
أكدت الحكومة اليابانية أن موقف تاكايتشي لا يمثل تغييرًا في سياستها الثابتة تجاه تايوان، مستندة إلى البيان المشترك الصيني-الياباني لعام 1972، الذي اعترفت فيه طوكيو بمبدأ “صين واحدة” الذي تتمسك به بكين ويتبناه معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.
ومع ذلك، أوضحت تاكايتشي في تصريحات لاحقة أنها لن تتراجع عن جوهر كلامها، رغم الأزمة الدبلوماسية الناجمة، لكنها تعهدت بتجنب ذكر سيناريوهات محددة في المستقبل لتفادي التصعيد.
يذكر أن رؤساء الوزراء اليابانيين السابقين كانوا يفضلون الحفاظ على “الغموض الاستراتيجي” فيما يتعلق بدعم تايوان عسكريًا، وهو نهج تتبعه واشنطن أيضًا بشأن التزامها بالدفاع عن الجزيرة في حال تعرضها لهجوم.
غير أن تاكايتشي، المعروفة بمواقفها المتشددة تجاه الصين ودعوتها لتعزيز القدرات العسكرية اليابانية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، خرجت عن هذا التقليد. وقد زارت تايوان سابقًا، كما التقت ممثلين عنها خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في كوريا الجنوبية قبل أسبوعين تقريبًا، وفي السياق نفسه عقدت لقاءً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
في خطوة تصعيدية مباشرة، نشرت السفارة الصينية في اليابان مساء الجمعة تحذيرًا عبر تطبيق “وي تشات” يحث المواطنين الصينيين على تجنب السفر إلى الأرخبيل الياباني في المستقبل القريب.
وجاء في التحذير أن “تصريحات قادة يابانيين استفزازية صارخة حول تايوان ألحقت ضررًا بالغًا بأجواء التبادلات الشعبية بين البلدين”، محذرًا من “مخاطر جسيمة على السلامة الشخصية وحياة المواطنين الصينيين في اليابان”. وأكدت وزارة الخارجية الصينية والسفارات والقنصليات في اليابان هذا التحذير رسميًا.
رغم أن الصين واليابان تعدان شريكين تجاريين رئيسيين، إلا أن علاقاتهما تعاني من انعدام ثقة تاريخي عميق، يعود جزئيًا إلى احتلال اليابان لتايوان لعقود حتى عام 1945، إلى جانب التنافس الإقليمي الحالي والزيادة في الإنفاق العسكري من الجانبين، مما يجعل مثل هذه الأزمات تتكرر وتؤثر سلبًا على الاستقرار الثنائي.



