تقارير

واشنطن تقترب من صفقة F-15EX مع مصر: خطوة تهدد تفوق إسرائيل الجوي وتثير اتهامات بالخيانة

في تطور يُعد نقطة تحول في ميزان القوى الجوية بالشرق الأوسط، تتقدم المفاوضات بين الولايات المتحدة ومصر نحو إبرام صفقة لبيع مقاتلات F-15EX “إيغل II” المتطورة إلى القاهرة، وسط مخاوف إسرائيلية شديدة من أن هذا الإجراء قد ينهي عقوداً من تفوقها الجوي النوعي.

وفقاً لتقارير حديثة، يُنظر إلى هذه الصفقة كـ”استثنائية” من واشنطن، مدفوعة بمخاوف جيوسياسية أوسع، خاصة التوسع الصيني في المنطقة، لكنها أثارت حالة من “الذعر غير المسبوق” في الأوساط الأمنية الإسرائيلية، التي تراها خيانة للالتزامات الأمريكية تجاه أمنها القومي.

 خلفية الصفقة وتفاصيلها

بدأت المفاوضات حول شراء مقاتلات F-15 لمصر منذ عام 2022، حيث أعربت القاهرة عن رغبتها في اقتناء ما يصل إلى 46 طائرة، لكن التقدم الحقيقي حدث في 2025.

في أكتوبر من العام الحالي، وافقت الولايات المتحدة على بيع نظام دفاع جوي متقدم بقيمة 4.67 مليار دولار لمصر، مما يُعد خطوة أولية نحو تعزيز قدراتها الجوية.

وأفاد تقرير من موقع “Tactical Report” بتاريخ 3 نوفمبر 2025 بأن الجانبين ما زالا في مرحلة المفاوضات، دون إبرام اتفاق نهائي أو جدول إنتاج، لكن الزيارة المصرية الرفيعة المستوى إلى البنتاجون في منتصف العام كانت “نقطة تحول حاسمة” أدت إلى مرونة أمريكية غير مسبوقة.

تشمل الدفعة الأولية المقترحة 18 إلى 25 طائرة F-15EX، مع خيار التوسع إلى 34، وسيتم تمويلها مباشرة من الخزينة المصرية دون الاعتماد على المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية، مع إمكانية تأجيل بعض الدفعات.

هذا الإجراء يأتي في سياق برنامج تحديث واسع لسلاح الجو المصري، الذي يعتمد حالياً على نحو 218 مقاتلة F-16، و24 طائرة رافال فرنسية مع 31 أخرى قيد الطلب، بالإضافة إلى منصات سوفييتية قديمة.

كما أن مصر ألغت صفقة سابقة لشراء مقاتلات سو-35 الروسية، وأجرت تمريناً جوياً مشتركاً مع الصين في 2025 بعنوان “نسور الحضارة” باستخدام J-10C، مما أثار مخاوف أمريكية من أن الطائرات الصينية تجاوزت أنظمة المراقبة في البحر الأحمر، ودفع واشنطن إلى تعزيز القدرات المصرية كحاجز ضد التوسع البكيني.

 مواصفات مقاتلة F-15EX وتأثيرها الاستراتيجي

تُعد F-15EX من أحدث إصدارات عائلة “إيغل المتقدمة”، وهي مصممة للدول المتحالفة مثل السعودية (F-15SA)، قطر (F-15QA)، وإندونيسيا (F-15ID). تتميز الطائرة بـ:

– سرعة قصوى: تصل إلى ماخ 2.5 (حوالي 3,017 كم/ساعة).

– مدى قتالي: يتجاوز 1,200 كم، مع سقف خدمة يصل إلى 18,000 متر.

– الحمولة: قادرة على حمل نحو 13,400 كجم من الذخائر، بما في ذلك صواريخ جو-جو بعيدة المدى (BVR) خارج نطاق الرؤية البصرية، مثل AIM-120 AMRAAM (لكن النسخة المصرية قد تُقيد في بعض الرادارات أو الصواريخ المتقدمة).

– الأنظمة: رادار AESA للكشف عن التهديدات، أنظمة إلكترونية متطورة للحرب الإلكترونية، ومحركين من جنرال إلكتريك أو برات آند ويتني بقوة دفع 29,000 رطل لكل واحد.

هذه القدرات ستمنح سلاح الجو المصري تفوقاً على الدفاعات التقليدية في المنطقة، مما يعزز الردع ضد التهديدات في ليبيا، سيناء، والبحر الأحمر، ويوسع المدى التشغيلي عبر شرق المتوسط وشمال أفريقيا.

ومع ذلك، يتوقع أن تتطلب دمجها استثمارات في التدريب، البنى التحتية، وأنظمة الصيانة، مع تكاليف تشغيل أقل بنسبة 25% مقارنة بالإصدارات السابقة.

 ردود الفعل الإسرائيلية: اتهامات بالخيانة والمخاوف الوجودية

أثار التقرير الإسرائيلي في موقع “ناتسيف.نت” جدلاً واسعاً، حيث وصف القرار الأمريكي بأنه “تهديد مباشر” للتفوق الجوي الإسرائيلي، الذي اعتمد عليه تل أبيب كضمان أساسي لبقائها منذ اتفاقية السلام مع مصر عام 1979.

يتهم الولايات المتحدة بـ”التخلي عن أمن إسرائيل” لصالح مصالح جيوسياسية أوسع، مثل مواجهة الصين، مشيراً إلى صفقات مشابهة مع السعودية، قطر، وتركيا كدليل على “انتشار الأسلحة المتطورة حول إسرائيل”.

كما شكك الموقع في قدرة الاقتصاد المصري على تمويل الصفقة، قائلاً: “كيف يوفر السلع الأساسية ويدفع لصفقة سلاح ضخمة؟”.

من جانبها، أكدت صحيفة “غلوباس” العبرية أن مبدأ الحفاظ على “التفوق النوعي الإسرائيلي” (QME) ثابت في قوانين الكونغرس، مشيرة إلى صفقة إسرائيلية في أغسطس 2024 لشراء 50 طائرة F-15IA مخصصة، مزودة برادار AESA، أنظمة إنذار صاروخي، وخوذة طيار ذكية، مع حمولة تزيد عن 13 طن ومدى 2,200 كم.

وأوضحت أن النسخة الإسرائيلية تختلف جذرياً عن أي طراز يُباع لدول أخرى، وأن واشنطن لن تسمح لمصر بالحصول على أنظمة تعادلها، رغم الدعم الإسرائيلي السابق للصفقة كبديل عن الطائرات الروسية أو الصينية.

يرى مراقبون أن مصر نفذت “مناورة سياسية بارعة” بفتح الباب أمام الصين لإجبار واشنطن على التنازل، لكن التقارير الأمريكية تؤكد أن الموافقة لا تزال معلقة على مراجعات سياسية وتأكيد عدم الإضرار بـQME، بالإضافة إلى مخاوف بشأن حقوق الإنسان في مصر.

وفي سياق متصل، أبرمت إسرائيل صفقة بقيمة 5.2 مليار دولار في نوفمبر 2024 لشراء 25 طائرة F-15IA، مع خيار لـ25 أخرى، لتعزيز قدراتها الجوية.

السياق الإقليمي والمستقبل

تعكس هذه الصفقة تنافس القوى الكبرى في المنطقة، حيث تسعى مصر إلى تنويع مصادرها العسكرية بين الغرب والشرق، بينما تحافظ واشنطن على توازنها مع حلفائها.

إذا تمت الصفقة، ستغير ديناميكية السماء الإقليمية إلى الأبد، مما يواجه إسرائيل بـ”اختبار وجودي” لأول مرة منذ عقود، رغم التزامات السلام.

ومع ذلك، يظل الإعلان الرسمي من وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية (DSCA) غائباً، مما يجعل التوقعات حذرة حتى الآن.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى