تحذيرات مصرية من مخطط تقسيم غزة وسط تحركات لإعادة إعمار انتقائية

حذّر دبلوماسيون وعسكريون مصريون من خطورة ما وصفوه بـ”مخطط تقسيم غزة”، في ظل مؤشرات على أن المرحلة المقبلة من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في القطاع قد تقتصر على إعادة الإعمار في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية فقط.
فبحسب ما نقلته وكالة “رويترز” عن ستة مسؤولين أوروبيين مطلعين على تلك الجهود، فإن خطة الإعمار قد تنحصر في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، مما قد يؤدي فعلياً إلى تقسيم قطاع غزة إلى مناطق منفصلة لسنوات طويلة.
وفي تعليق له على هذه التطورات، أكد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي أن القاهرة تتابع بقلق ما يبدو أنه توجه إسرائيلي نحو تكريس فصل جغرافي داخل القطاع، مشيراً إلى أن “مصر قادرة على إفشال أي محاولة تهدف إلى تقسيم غزة، كما فعلت من قبل حين أحبطت مخطط التهجير”.
وأوضح العرابي أن “الحديث عن بدء إعادة الإعمار في مناطق محددة فقط يشير إلى نوايا إسرائيلية لتكريس واقع جديد على الأرض”، مضيفاً أن “مصر والشعب الفلسطيني والدول العربية والإسلامية يرفضون بشكل قاطع أي شكل من أشكال التقسيم”.
كما أشار إلى أن ما يعرف بـ”الخط الأصفر”، وهو الخط الفاصل المؤقت بين مناطق سيطرة الجيش الإسرائيلي وبقية مناطق القطاع، يجب ألا يتحول إلى حدود دائمة.
وأضاف أن “البدء بإعمار المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية فقط قد يجعل هذا الخط واقعاً دائماً وهو ما يثير قلقاً شديداً”.
من جانبه، أكد اللواء أركان حرب أحمد الشحات، الخبير في الأمن الإقليمي والدولي، أن “تقسيم غزة ليس فكرة جديدة، بل هو مخطط قديم يجري العمل على تنفيذه بشكل ممنهج منذ سنوات”.
وأوضح أن إسرائيل استغلت أحداث السابع من أكتوبر لتتجاوز مجرد الرد العسكري، وتبدأ في فرض ترتيبات أمنية تؤدي إلى تقسيم فعلي للقطاع إلى ثلاث مناطق: شمال، ووسط، وجنوب.
وأضاف الشحات أن هذه التحركات تأتي ضمن استراتيجية تهدف إلى “فصل المناطق جغرافياً، وخلق بيئة طاردة للسكان من خلال الضغط العسكري والإنساني، بما يهيئ الظروف لتنفيذ مخطط التقسيم”.
وشدد على أن جميع القوى الفلسطينية، سواء كانت السلطة الفلسطينية أو حركة حماس أو غيرها من الفصائل، ترفض هذا المسار رفضاً قاطعاً وتعمل على فضحه بكل الوسائل الممكنة.
من جهة أخرى، نقلت “رويترز” عن مصادر أوروبية قولها إن خطة ترامب لن تتجاوز على الأرجح حدود وقف إطلاق النار ما لم يمارس البيت الأبيض ضغوطاً جدية على إسرائيل لقبول دور للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، وللانخراط في مسار سياسي يقود إلى إقامة دولة فلسطينية.
وفي غياب مثل هذا التحرك الأميركي، يُخشى أن يتحول “الخط الأصفر” إلى حدود فعلية تقسم غزة إلى أجل غير معلوم.
يحذر محللون مصريون وأوروبيون من أن حصر الإعمار في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية قد يرسخ واقعاً جديداً يؤدي إلى تقسيم غزة فعلياً، وسط غياب واضح لأي رؤية دولية شاملة لإعادة توحيد القطاع تحت سلطة فلسطينية واحدة.



