أخبار دولية

الكنيست يناقش إعادة عقوبة الإعدام لمنفذي الهجمات الفلسطينية

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أمس الاثنين مشروع قانون مدعوم من الحكومة يهدف إلى فرض عقوبة الإعدام على الذين يرتكبون جرائم قتل ذات دوافع قومية أو عنصرية ضد مواطني إسرائيل، ويُصنفون كـ”إرهابيين”.

جاءت الموافقة في القراءة الأولى بنتيجة تصويتية 39 صوتاً مقابل 16، مما يمثل تقدماً تاريخياً نحو إعادة تفعيل عقوبة الإعدام في السياقات الأمنية، رغم الحاجة إلى مرور القانون بقراءتين إضافيتين ليصبح ساري المفعول.

 تفاصيل المشروع القانوني

يقترح المشروع، الذي رعتْه النائبة ليمور سون هار-ميليك من حزب “عتصمة يهوديت”، فرض عقوبة الإعدام الإلزامية على الذين يرتكبون جرائم قتل “بدوافع عنصرية وبهدف الإضرار بدولة إسرائيل وإحياء الشعب اليهودي في أرضه”.

وفقاً لنص المشروع، ستُفرض هذه العقوبة من قبل المحاكم الإسرائيلية، بما في ذلك المحاكم العسكرية في الضفة الغربية، حيث يُسمح للقضاة بإصدار حكم الإعدام بأغلبية بسيطة بدلاً من الإجماع الكامل. كما يمنع المشروع قدرة القادة العسكريين الإقليميين على تخفيف مثل هذه الأحكام، مما يهدف إلى إزالة أي “ثغرات” في التنفيذ.

بالإضافة إلى ذلك، مرّ مشروعان ذاكران في القراءة الأولى: الأول برعاية النائب نisim فاتوري من حزب “الليكود” (بنتيجة 36-15)، والثاني برعاية النائب عوديد فورير من حزب “إسرائيل بيتينو” (بنتيجة 37-14). هذه المشاريع تتعلق أيضاً بتعزيز عقوبات الإرهاب، لكن تفاصيلها الدقيقة تركز على جوانب مشابهة لتعزيز الردع.

 التصويت والموقف السياسي

شهد التصويت مقاطعة واسعة من جانب المعارضة، باستثناء حزب “إسرائيل بيتينو” الذي دعم المشروع. غابت معظم أعضاء تحالف “الأزرق والأبيض” بالكامل، وغاب معظم نواب حزب “يش عتيد” التابع لزعيم المعارضة يائير لابيد، باستثناء واحد.

كما تعهدت فصيل “ديغل هاتوراه” من حزب “التوراة المتحدة” بالمعارضة، وغاب معظم نواب حزب “شاس” الحكومي عن التصويت المتأخر ليلاً. أثناء النقاش، تم طرد ثلاثة نواب عرب (وليد طحة من “رعام”، أيمن عودة وأحمد الطيب من “حدش-تاعال”) من القاعة بسبب احتجاجاتهم.

كانت محاولات سابقة لتمرير قوانين مشابهة قد فشلت؛ ففي مارس 2023، مرّ مشروع أولي بنتيجة 55-9 لكنه لم يتقدم. وفي سبتمبر الماضي، أقر لجنة الأمن القومية في الكنيست التقدم رغم تحذيرات قانونية وأمنية.

تصريحات الداعمين والمعارضين

أعربت راعية المشروع ليمور سون هار-ميليك عن فرحتها، قائلة: “اليوم، اتخذنا خطوة تاريخية نحو العدالة الحقيقية وتعزيز الردع ضد الإرهاب.

قانون الإعدام للإرهابيين هو تعبير أخلاقي وقومي عن شعب يرفض الواقع الذي يعيش فيه قتلة اليهود في السجون وينتظرون صفقات”.

وأضافت: “لا سجون أخرى، لا صفقات، لا أحكام معلقة. بل حكم إعدام. لأنه بسيط: عندما يموت الإرهابي، لا يعود إلى دائرة الإرهاب ولا يُطلق سراحه حياً”.

دعم الوزير الوطني للأمن إيتمار بن غفير المشروع، مشدداً: “من قتلوا واغتصبوا وخطفوا أبناءنا وبناتنا لا يستحقون رؤية ضوء النهار، وحكمهم يجب أن يكون الإعدام.

هذا القانون خطوة أخلاقية وعادلة، وحاسمة لأمن الدولة”. أما النائب عوديد فورير فقال: “هدفنا خلق ردع حقيقي، لا عملية نُخبر فيها الإرهابيين: ‘اقتل وستُقبض عليك ثم تُطلق سراحك في صفقة أخرى'”. وزعيم حزب “إسرائيل بيتينو” أفيغدور ليبرمان أكد: “يجب أن يموت الإرهابي، سواء في ساحة المعركة أو في المحكمة”.

من جانب المعارضة، وصف يائير لابيد المشروع بأنه “حيل سياسية من عتصمة يهوديت”.

وحذر رئيس الروحيين في “ديغل هاتوراه” الحاخام دوف لاندو من أن القانون “قد يؤدي إلى سفك دماء”. أما النائب غيلاد كاريف من “الديمقراطيين” فقال إن تمريره “سيؤدي إلى زيادة الهجمات الإرهابية وسيجلب ضغوطاً دولية دراماتيكية في وقت تكون فيه إسرائيل على الحافة”.

خلال النقاش، اندلعت مشادات حادة؛ صاح أيمن عودة: “الاحتلال سينتهي وستُقام دولة فلسطينية”، متهماً بن غفير بالإرهاب، بينما رد بن غفير بالإهانات. كما انتقد وليد طحة القانون، متهماً إسرائيل بقتل المدنيين الفلسطينيين.

 الانتقادات والمخاوف

يرى المنتقدون أن صياغة المشروع “ستطبق عملياً على العرب الذين يقتلون اليهود فقط، وليس على المتطرفين اليهود الذين يهاجمون الفلسطينيين”، بسبب تركيزه على الدوافع “العنصرية” الموجهة ضد “دولة إسرائيل والشعب اليهودي”.

قال عمير فوكس من معهد الديمقراطية الإسرائيلي: “سيغطي جميع الإرهابيين العرب كما نعرفهم، لكنه لن يغطي جميع الإرهابيين اليهود.

نظرياً، قد ينضم يهودي إلى حماس لقتل يهود، لكن هذا نظري فقط. في الواقع، لن ينطبق على جميع الإرهابيين اليهود”. وأضاف أن المشروع قد يكون غير دستوري بسبب التمييز، ويخالف القانون الأساسي لحقوق الإنسان.

كما يخشى بعض المسؤولين من تأثيره على مفاوضات إطلاق الرهائن، كما حدث في محاولات سابقة. وفي الشهر الماضي، أصدر بن غفير إنذاراً للرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتقديم المشروع في ثلاثة أسابيع، وإلا سيوقف حزب عتصمة يهوديت التصويت مع الائتلاف، مما دفع نتنياهو إلى دعمه.

الخلفية الشخصية والتاريخية

تأتي الدافعية وراء المشروع من تجربة شخصية لسون هار-ميليك، التي قُتل زوجها في هجوم إرهابي عام 2003؛ فقد شارك الإرهابي الرئيسي في هجوم 7 أكتوبر 2023، وأُطلق سراح اثنين آخرين في صفقة وقف إطلاق النار في 13 أكتوبر 2025، مما يثير تساؤلات حول عدد الأرواح التي كان يمكن إنقاذها بالإعدام.

تاريخياً، ألغت إسرائيل عقوبة الإعدام لجرائم القتل عام 1954، مع الاحتفاظ بها في حالات محدودة مثل الخيانة العليا أو جرائم النازيين. آخر تنفيذ كان إعدام النازي أدولف أيخمان عام 1962، الذي صُمم نظام الإبادة الجماعية في الهولوكوست. ومع ذلك، لم تُنفذ أبداً في محاكم عسكرية أو مدنية أخرى، حيث يتطلب الأمر إجماع قضائياً كاملاً.

بعد التصويت، وزّع بن غفير حلوى “بقلاوة” (مصادرة من قبل الحراس) كرمز للاحتفال، وهي حلوى مرتبطة عادة بالاحتفالات الفلسطينية بهجمات على إسرائيليين، مما أثار جدلاً إضافياً.

يعد هذا المشروع جزءاً من اتفاق الائتلاف بين “الليكود” و”عتصمة يهوديت”، ويُنظر إليه كخطوة لتعزيز الردع الأمني في ظل التوترات المستمرة.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى