أخبار دولية
بيدرو سانشيز يكرم الماضي: الجنسية الإسبانية لـ 170 أجنبيا شاركوا في الحرب الأهلية
شروق محمد

أعلنت الحكومة الإسبانية في خطوة ذات دلالات رمزية وتاريخية عميقة، برئاسة بيدرو سانشيز، عزمها منح الجنسية الإسبانية لنحو 170 شخصاً من أحفاد أعضاء “الألوية الدولية” الذين قاتلوا إلى جانب الجمهوريين في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939). هذا القرار، الذي من المقرر أن يبت فيه مجلس الوزراء قريباً، ليس مجرد إجراء إداري، بل هو تكريم متأخر لتاريخ من التضامن الدولي.
تضامن عالمي في زمن الحرب
تعود جذور القصة إلى الحرب الأهلية الإسبانية، عندما تدفق آلاف المتطوعين من مختلف أنحاء العالم إلى إسبانيا للانضمام إلى “الألوية الدولية” (International Brigades) للدفاع عن الديمقراطية والجمهورية في وجه الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال فرانسيسكو فرانكو. هؤلاء المتطوعون، الذين جاءوا من جنسيات مختلفة، ضحوا بحياتهم أو خاطروا بها في صراع اعتبره الكثيرون آنذاك معركة بين الفاشية والديمقراطية.
بعد انتهاء الحرب بانتصار قوات فرانكو، تم قمع العديد من هؤلاء المقاتلين أو أجبروا على النفي، وظل إرثهم محل جدل لعقود طويلة تحت الديكتاتورية.
قرار سياسي وتكريم رمزي
جاء الإعلان عن هذا القرار خلال حفل أقيم مؤخراً في مدريد لإحياء ذكرى ضحايا الانقلاب العسكري والحرب الأهلية، مما يؤكد على طابعه السياسي والرمزي البارز. يهدف هذا الإجراء إلى الاعتراف بالمساهمة الكبيرة والتضحيات الجسيمة التي قدمها هؤلاء الأفراد من أجل الحرية في إسبانيا.
وأوضح رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أن منح الجنسية لهؤلاء الأحفاد يأتي في سياق “قانون الذاكرة الديمقراطية” الذي يهدف إلى معالجة مظالم الماضي وتكريم ضحايا الحقبة الديكتاتورية والحرب الأهلية. هذا القانون يسهل في بعض الحالات حصول أحفاد الإسبان المنفيين أو المضطهدين على الجنسية.
المستفيدين من القرار
و بحسب جريدة La Vanguardia الاسبانية أنه من يستفيد من هذا القرار الاستثنائي ما يقرب من 170 شخصاً ليس لديهم بالضرورة صلة قرابة مباشرة بالدم مع إسبان أصليين، بل هم أحفاد أولئك المتطوعين الأجانب الذين قدموا من دول مثل الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، وأماكن أخرى للقتال في إسبانيا.
يعد هذا التكريم خطوة مهمة نحو طي صفحة منسية من التاريخ، وإعادة الاعتبار لمن اعتبرتهم إسبانيا في يوم من الأيام “أجانب” تدخلوا في شؤونها الداخلية. إنه اعتراف متأخر بأن قضيتهم كانت جزءاً لا يتجزأ من النضال من أجل قيم الحرية والديمقراطية التي تتبناها إسبانيا الحديثة.

بشكل عام يعتبر المراقبون أن هذا المرسوم الحكومي هو رسالة قوية من مدريد تؤكد على أهمية الذاكرة التاريخية والتضامن الإنساني العابر للحدود.



