الجنائية الدولية: مذكرات توقيف نتنياهو ما زالت سارية رغم اتفاق وقف النار

أثار الوصول إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة تساؤلات بشأن مصير أوامر التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وما إذا كانت التطورات السياسية الجديدة ستؤثر على المسار القضائي المفتوح ضده منذ نوفمبر الماضي.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية فادي العبد الله، أن “أوامر القبض تظل سارية المفعول، ما لم يقرر قضاة المحكمة سحبها لسبب قانوني”.
وقال العبد الله في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “لا جديد حاليا” فيما يخص مذكرات التوقيف التي سبق أن أصدرتها المحكمة، رغم تلويح الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الجنائية الدولية بكامل هيئتها.
وقبل أسابيع، أفادت وكالة “رويترز” أن الإدارة الأميركية تدرس فرض عقوبات شاملة على المحكمة الجنائية الدولية بأكملها ردا على التحقيق في “جرائم حرب” إسرائيلية، وذلك بعدما فرضت عقوبات على قاضيين فرنسي وكندية واثنين من المدعين في المحكمة، كونهم “شاركوا مباشرة في جهود المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في شأن مواطنين من الولايات المتحدة وإسرائيل أو توقيفهم أو اعتقالهم أو ملاحقتهم، من دون موافقة أي من هذين البلدين”.
وجاءت أوامر التوقيف ضد نتنياهو وغالانت التي صدرت عن قضاة المحكمة في نوفمبر 2024، بتهم تتعلق بـ”ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة”، من بينها استخدام التجويع كوسيلة حرب، والقتل العمد للمدنيين، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانيةلا تسقط بالتقادم”
واتفق مع هذا الطرح أستاذ القانون الدولي العام عضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي محمد مهران، الذي أكد أن “قرارات الجنائية الدولية ضد نتنياهو تظل سارية المفعول ولا تتأثر مطلقا باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ”.
وأوضح في حديثه ، أن “الجرائم الدولية الكبرى مثل جرائم الحرب وجرائم العدوان وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، وفقا للاتفاقية الدولية بشأن عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لعام 1968 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية”.
إقرأ أيضًا: ترامب في الكنيست: بفضل نتنياهو نحقق فجر السلام في الشرق الأوسط
وذكر مهران أن “جرائم الحرب ترتكب في حق الإنسانية جمعاء وليس ضد طرف واحد فقط، مما يجعلها خارج نطاق أي اتفاقات سياسية أو تسويات ثنائية”.
وأكد أن “اتفاقيات السلام أو وقف إطلاق النار لا تملك إلغاء أو تعليق الملاحقات القضائية الدولية، لأن الجنائية الدولية مستقلة تماما عن الإرادة السياسية للدول وتعمل وفق ولايتها القضائية المحددة في نظام روما”.ما مستقبل مذكرات توقيف نتنياهو؟
من باريس، أوضح الخبير المختص في القانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، أن “الجنائية الدولية رفضت الطعون التي قدمتها إسرائيل على اختصاصها في القضية، وبالتالي فإن هذه المذكرات أصبحت قائمة قانونيا، بمعنى أنها لم تعد طلبا فحسب، بل أمر قضائي صالح، وهي تلزم الدول الأعضاء في نظام روما بالتعاون (القبض والتسليم) إذا دخل أي من المطلوبين أراضيها”.
وأشار الكيلاني في حديثه ، إلى أن “وقف القتال لا يلغي المسؤولية الجنائية، فمن المبادئ الراسخة في القانون الدولي أن وقف إطلاق النار أو اتفاقية سلمية لا تعفي الأشخاص من المسؤولية الجنائية عن الجرائم المرتكبة أثناء النزاع”.
وضرب مثلا على ذلك، قائلا “بعد اتفاقيات السلام في يوغوسلافيا أو في رواندا، لم تلغ الإدانات أو التحقيقات عن جرائم الحرب أو الإبادة التي ارتكبت، بل استمرت المحاكم الدولية للجناة”.
وشدد الكيلاني على أنه “إذا صمد الاتفاق بين إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار، فهذا لا يلغي مذكرات التوقيف الصادرة ضد نتنياهو وغالانت”.