مصر تفتح مفيض توشكي لمواجهة تدفق مفاجئ من سد النهضة

أعلنت وزارة الموارد المائية والري المصرية عن تنفيذ سلسلة من الإجراءات العاجلة لمواجهة الفيضانات القادمة من السودان والمياه المتدفقة من السد الإثيوبي، في مقدمتها فتح مفيض توشكي لتصريف كميات المياه الزائدة.
وأوضحت الوزارة في بيان رسمي أن أعمال تطوير قناة ومفيض توشكي بدأت منذ فترة ضمن خطة متكاملة لرفع كفاءة المنظومة المائية وزيادة القدرة التصريفية لمواجهة أي طارئ محتمل، خاصة في ظل ما وصفته بـ“التصرفات غير المنضبطة” لإدارة سد النهضة من الجانب الإثيوبي، والتي قد تؤدي إلى تغيّرات مفاجئة في كميات المياه الواردة من أعالي النيل.
وأكد البيان أن التحذيرات السابقة من هذه التصرفات ثبتت صحتها خلال الأيام الأخيرة، حيث قامت إثيوبيا بتصريف كميات كبيرة من المياه بشكل مفاجئ، ما تسبب في أضرار واضحة لدولتي المصب، السودان ومصر.
وأضافت الوزارة أن فتح مفيض توشكي جاء لحماية السد العالي والحفاظ على أمان منظومة إدارة المياه في مصر، مشيرة إلى أن خطة التطوير الحالية تشمل تحديث أنظمة التشغيل والرصد بأحدث الأجهزة، ورفع كفاءة القناة والمفيض لاستيعاب أي زيادات طارئة في مناسيب المياه.
وبيّنت الوزارة أن لجنة إيراد النهر — التي تضم نخبة من العلماء والخبراء في مجالات الهيدرولوجيا وتشغيل السدود والاستشعار عن بُعد — هي الجهة المسؤولة عن إدارة وتشغيل المنظومة المائية، وتعتمد في قراراتها على الرصد اللحظي والتنبؤات الحديثة لضمان التعامل السريع مع أي تغيّرات في تصرفات النهر.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الري الأسبق، أن مصر فتحت مفيض توشكي لصرف كميات المياه القادمة من السودان وإثيوبيا، موضحاً أن ذلك الإجراء كان ضرورياً لتفادي أي ضغط على مجرى النيل. لكنه أشار إلى أن العملية تسببت في غمر نحو 1000 فدان من الأراضي المنخفضة القريبة من النهر.
من جانبه، كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، أن صور الأقمار الصناعية الأخيرة لسد النهضة أظهرت غلق جميع بوابات المفيض وانخفاض الإيراد المائي اليومي بنحو 50 مليون متر مكعب، مشيراً إلى أن هذا التخبط في إدارة السد قد يؤدي إلى فيضانات جديدة خلال الأسابيع المقبلة إذا استمر تخزين كميات كبيرة من مياه الأمطار الحالية، التي تُقدر بـ 250 مليون متر مكعب.
وأضاف شراقي أن السودان هو الأكثر تضرراً من سوء إدارة السد، داعياً إثيوبيا إلى تصريف كميات الأمطار الحالية بالكامل عبر التوربينات أو بوابات المفيض العلوي، محذراً من احتمال امتلاء الخزان بالكامل بنهاية الشهر الجاري، وهو ما قد يزيد من مخاطر الفيضانات.
وأشار إلى أن معدلات الأمطار في حوض النيل الأزرق بدأت في التناقص تدريجياً، لتصل إلى 150 مليون متر مكعب بنهاية أكتوبر، وتنخفض إلى 50 مليون متر مكعب بنهاية نوفمبر، فيما تواجه عدة مناطق في السودان ومصر بالفعل تداعيات الفيضانات الأخيرة.
ففي السودان، تعرّضت مناطق واسعة للغرق وتهديدات للمزارعين والسكان، بينما غرقت قرية دلهمو بمحافظة المنوفية في مصر نتيجة ارتفاع منسوب مياه النيل، ما دفع السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ في أربع محافظات لمواجهة الموقف.
وتختتم وزارة الري المصرية بيانها بالتأكيد على أن جميع القرارات المتعلقة بإدارة المياه تُتخذ وفق معايير علمية دقيقة، وأن الدولة تتابع الموقف المائي بشكل لحظي لضمان أمان السد العالي واستقرار منظومة الري في البلاد.