
كتب: إسلام ماجد
أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفي مع نظيره القبرصي نيكوس كريستودوليدس، ضرورة نشر قوات دولية في قطاع غزة لضمان الاستقرار والأمن بعد وقف إطلاق النار، مشددًا على أهمية إضفاء الشرعية الدولية على الاتفاق بين حماس وإسرائيل عبر مجلس الأمن.
وأوضح السيسي أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في قمة شرم الشيخ يمثل خطوة محورية نحو إنهاء الحرب، إذ تضمن إطلاق سراح الرهائن وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وبدء جهود إعادة الإعمار.
كما دعا الرئيس المصري نظيره القبرصي للمشاركة في احتفالية بمناسبة الاتفاق، معلنًا عن استضافة القاهرة مؤتمرًا دوليًا للتعافي وإعادة إعمار غزة بمشاركة قوى إقليمية ودولية، في خطوة تعكس استمرار الدور المصري كوسيط رئيسي في تحقيق التهدئة وترسيخ الاستقرار في المنطقة.
قمة مشتركة برئاسة السيسي وترامب تنعقد الإثنين في شرم الشيخ
تستضيف مدينة شرم الشيخ يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 “قمة شرم الشيخ للسلام”، التي تُعقد برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة أكثر من عشرين من قادة ورؤساء الدول.
وتركز القمة على وضع حد للحرب الدائرة في قطاع غزة، وبحث سبل ترسيخ السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما تمثل القمة خطوة جديدة ضمن الجهود الدولية لدعم المبادرة الأمريكية لتحقيق تسوية شاملة تنهي النزاعات وتعزز الأمن الإقليمي.
من جانبه، أشاد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بالدور المصري المحوري في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، مشيرًا إلى أن القاهرة كانت حجر الزاوية في الجهود الدبلوماسية التي أنهت أسابيع من الحرب الدامية في قطاع غزة.
وأوضح روبيو، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام دولية، أن مصر لعبت دورًا حاسمًا في استضافة مفاوضات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، مؤكدًا أن قمة شرم الشيخ الأخيرة كانت “تاريخية” في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة. كما شدد على أن الشراكة المصرية الأمريكية تمثل ركيزة أساسية لاستدامة الاستقرار الإقليمي، مع التركيز على إعادة إعمار غزة بعد الحرب، مشيرًا إلى أن واشنطن تنظر إلى القاهرة كضامن رئيسي لتنفيذ بنود الاتفاق واستمرار التهدئة.
اقرأ أيضاً:مكالمة هاتفية بين السيسي وترامب للتهنئة بنجاح خطة غزة
بدء المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام في غزة
بعد أسابيع من المفاوضات المكثفة والوساطات الإقليمية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن توصل إسرائيل وحماس إلى اتفاق يقضي ببدء المرحلة الأولى من خطته للسلام في غزة، والتي تهدف بحسب قوله إلى “وقف دوامة الدماء وتهيئة الأرضية لحل دائم”.
ودخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ ظهر الجمعة الماضية، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي بدء الانسحاب من بعض مناطق القطاع تنفيذًا لبنود الاتفاق. وتنص المرحلة الأولى من الخطة على إطلاق سراح 20 رهينة إسرائيلية مقابل 250 أسيرًا فلسطينيًا و1,700 معتقل من غزة، إلى جانب إدخال نحو 600 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا إلى القطاع الذي يعاني من أزمة إنسانية خانقة بلغت حد المجاعة في بعض مناطقه، وفق تقارير أممية.
كما اتفق الطرفان على أن تتم عمليات التسليم دون أي مراسم علنية أو تغطية إعلامية، في خطوة تهدف إلى تجنب التوترات السياسية والميدانية.
72 ساعة حاسمة لاختبار الهدنة وتوتر حول قوائم الأسرى
تُواجه الهدنة اختبارًا حاسمًا خلال أول 72 ساعة من بدء تنفيذها، إذ يُفترض أن تسلم حماس جميع الرهائن الأحياء إلى الصليب الأحمر الذي سيتولى نقلهم إلى إسرائيل لإجراء الفحوص الطبية ولمّ شملهم بأسرهم، بينما تبدأ إسرائيل بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين تدريجيًا.
وتشرف على العملية قوة متعددة الجنسيات قوامها 200 جندي من مصر وقطر وتركيا والإمارات، تعمل تحت إشراف القيادة العسكرية الأمريكية لضمان الالتزام الكامل ببنود الاتفاق.
ورغم هذا التقدم، تشهد مفاوضات تبادل الأسرى توترًا متصاعدًا بعد استبعاد إسرائيل لأسماء بارزة من القوائم، من بينهم مروان البرغوثي وأحمد سعد، ما أثار غضبًا فلسطينيًا واسعًا وجدلاً داخل الحكومة الإسرائيلية، إذ يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تهدد استقرار الهدنة وتعيد التوتر إلى الميدان إذا لم يتم التوصل إلى تفاهمات جديدة خلال الأيام القليلة المقبلة.
خطة ترامب لإدارة غزة بعد الحرب
تتضمن خطة ترامب للسلام ثلاث مراحل مترابطة، تبدأ بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تليها عملية انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع، وتنتهي بإعادة هيكلة الحكم في غزة من خلال لجنة انتقالية من التكنوقراط الفلسطينيين، تعمل تحت إشراف مجلس سلام دولي يرأسه ترامب نفسه، ويضم شخصيات دولية بارزة أبرزها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وتدعو الخطة إلى نزع سلاح الفصائل الفلسطينية بالكامل وتدمير البنية التحتية العسكرية في غزة، مع منح عناصر حركة حماس عفوًا عامًا إذا التزموا بالتعايش السلمي، أو السماح لهم باللجوء إلى دول أخرى في حال رفضوا ذلك.
كما تشمل الخطة إطلاق “مبادرة ترامب للتنمية الاقتصادية في غزة”، الهادفة إلى إعادة إعمار القطاع وتحفيز الاقتصاد المحلي عبر استثمارات دولية واسعة النطاق توفر فرص عمل للفلسطينيين بعد سنوات من الحصار والدمار، ما يجعل هذه المبادرة اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على تحويل الهدنة إلى سلام دائم.
القرالة: نجاح الاتفاق يعتمد على جدية الأطراف
وفي سياق متصل، أكد الدكتور عبدالحكيم القرالة، الكاتب والمحلل السياسي، في حديث خاص لـ”داي نيوز”، أن المرحلة الأولى من التوقيع على الاتفاق وفق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من عشرين بندًا تمثل نقطة انطلاق إيجابية نحو تحقيق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين بين إسرائيل وحركة حماس، معتبرًا أنها “بداية مضيئة” قد تمهّد الطريق لسلام دائم وشامل في حال توفرت الإرادة السياسية الحقيقية لتنفيذها.

وأوضح القرالة أن نجاح الخطة مرهون بوجود التزام وجدية من جميع الأطراف، خاصة الجانب الإسرائيلي، في ظل مخاوف من العودة مجددًا إلى دوامة العنف والعدوان، مؤكدًا أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في اختبار مدى قدرة الوسطاء، لا سيما مصر والولايات المتحدة، على الضغط لضمان احترام بنود الاتفاق ومنع أي إخلال بها.
وأشار إلى أن العقبات الرئيسية تكمن في التفاصيل التنفيذية والإجرائية للخطة، خاصة البنود المتعلقة بنزع سلاح حماس وإدارة قطاع غزة في “اليوم التالي” للحرب، وهي قضايا وصفها بـ”الشائكة والمعقدة”، نظرًا لتمسك حماس بسلاحها ورفضها لأي وصاية خارجية على القطاع.
وأضاف أن “الشيطان يكمن في التفاصيل”، فنجاح الاتفاق يتوقف على كيفية معالجة هذه الملفات الحساسة دون المساس بالثوابت الوطنية الفلسطينية.
وشدد القرالة على أن الكرة الآن في ملعب المفاوضات الدولية، التي يجب أن تتجاوز كل العقبات لضمان وقف إطلاق نار مستدام وبدء مرحلة إعادة إعمار غزة، بما يشمل تسهيل دخول المساعدات الإنسانية لمواجهة الكارثة التي خلّفتها آلة الحرب الإسرائيلية.
وأكد أن تحقيق السلام يتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية والبناء على النقاط الإيجابية التي تحققت، وصولًا إلى تسوية سياسية عادلة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، مشددًا على أن الشرق الأوسط لن يعرف الاستقرار إلا بسلام شامل يضمن العدالة لجميع الشعوب.
واختتم القرالة بالقول إن “هذه القضية، التي تجاوز عمرها ثمانية عقود، باتت تتطلب إرادة دولية جامعة وتفعيل أدوات القانون الدولي لوضع حد نهائي للصراع، وتحويل السلام في المنطقة من مجرد شعارات إلى واقع ملموس يعزز الأمن والسلم الدوليين.”
نزال: المرحلة الثانية من خطة ترامب مليئة بالعقبات والتحديات
وفي السياق ذاته،أكد الدكتور نزار نزال المحلل السياسي في حديث خاص لـ”داي نيوز”، أن تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة لن يكون بهذه السهولة، موضحًا أن المرحلة الأولى التي تم التوقيع عليها تمثل اختبارًا حقيقيًا للطرفين، كونها تركز على القضايا الإنسانية مثل وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وخروج القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة، وإدخال المساعدات إلى القطاع.
وأضاف نزال أن هذه المرحلة تُعد تمهيدًا إنسانيًا لا يحمل مضمونًا سياسيًا فعليًا، مشيرًا إلى أن “المرحلة الثانية ستكون الأصعب، إذ ستبدأ الأشواك والألغام السياسية بالظهور، خصوصًا مع تعقيدات البنود المتعلقة بنزع سلاح حركة حماس والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة.

وأوضح أن إسرائيل لن توافق على هدنة دائمة دون نزع سلاح حماس، وهو ما تعتبره الأخيرة “خطًا أحمر”، لافتًا إلى أن نزع السلاح يرتبط أيضًا بمدى الانسحاب الإسرائيلي وتسليم إدارة القطاع إلى حكومة فلسطينية أو لجنة تكنوقراط.
وأشار نزال إلى أن المرحلة المقبلة مرشحة للتعثر، إذ “من المتوقع أن تغيّر إسرائيل شكل الصراع، عبر تقليص المواجهة المباشرة والاعتماد على أساليب الاستهداف داخل المدن، بما يشبه النموذج اللبناني”.
وأضاف أن أبرز العقبات أمام الاتفاق تتمثل في إصرار إسرائيل على الإبقاء على مناطق عازلة تصل إلى نحو 30% من مساحة غزة، تشمل الحدود الشرقية ومحور فيلادلفيا شمالًا، وهو ما يعني عمليًا استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية. كما أشار إلى أن تشكيل لجنة دولية برئاسة ترامب وتوني بلير لإدارة غزة يمثل نوعًا من “الاحتلال الناعم” أو “الوصاية الدولية” على القطاع، وهو ما قد يثير رفضًا فلسطينيًا واسعًا.
وختم نزال تصريحاته بالتأكيد على أن هذه البنود الثلاثة نزع السلاح، المناطق العازلة، والوصاية الدولية هي العقبات الكبرى التي قد تُفجّر الاتفاق أو تؤدي إلى تعطيله، داعيًا الأطراف الدولية إلى التحلي بالواقعية السياسية لتجنب انهيار الجهود الدبلوماسية الحالية.