أخبار دولية

فرنسا أمام أزمة سياسية غير مسبوقة.. 3 خيارات صعبة أمام ماكرون

استيقظت فرنسا، صباح الاثنين 6 أكتوبر 2025، على أزمة سياسية حادة بعد إعلان قصر الإليزيه استقالة رئيس الوزراء الجديد سيباستيان لوكورنو وحكومته، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على تسلمه المنصب، في خطوة فاجأت الشارع الفرنسي والنخبة السياسية، وأدخلت البلاد في حالة من الاضطراب السياسي غير المسبوق.

حكومة لم تكمل يوماً واحداً

الاستقالة المفاجئة جاءت بعد ساعات من إعلان التشكيل الوزاري الجديد مساء الأحد، الذي ضم 18 وزيراً فقط على أن تُستكمل القائمة لاحقاً.

غير أن التعيينات أثارت غضباً واسعاً داخل البرلمان والأوساط الحزبية، إذ ضمّت الحكومة الجديدة 12 وزيراً من حكومات سابقة سبق أن أسقطها البرلمان بحجب الثقة، ما اعتُبر تجاهلاً لإرادة النواب من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون.

في باريس رئيس الوزراء المستقيل سيلتقي وزراءه السابقين اليوم لتوضيح موقفه، مشيراً إلى أن لوكورنو أصبح الخامس الذي يستقيل منذ يناير 2025، والسابع الذي يتولى المنصب خلال عهد ماكرون الممتد منذ 2017.

 الأسباب الكامنة وراء الانفجار السياسي

تأتي هذه الاستقالة وسط انقسام برلماني حاد، نتج عن الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها ماكرون العام الماضي في محاولة لاستعادة الأغلبية، لكنها أفرزت برلماناً ثلاثي الأقطاب منقسم بين اليسار واليمين المتطرف والمعسكر الوسطي الموالي للرئيس.

وكان من المقرر أن يلقي لوكورنو خطاب السياسة العامة أمام الجمعية الوطنية الثلاثاء، إلا أن تهديد الكتل اليسارية بتقديم اقتراح بحجب الثقة عجّل بانسحابه قبل المواجهة.

3 خيارات أمام ماكرون

أمام الرئيس الفرنسي ثلاثة مسارات محتملة للخروج من الأزمة:

1. الاستقالة الشخصية: وهو خيار مستبعد حالياً، إذ لا تظهر أي مؤشرات على نية ماكرون التنحي قبل نهاية ولايته.

2. حلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة جديدة: وهو خيار محفوف بالمخاطر، إذ قد يعيد إنتاج نفس المشهد المنقسم، وربما يمنح أقصى اليمين بزعامة مارين لوبان أو اليسار المتحد مزيداً من المقاعد.

3. تعيين رئيس وزراء جديد: وهو السيناريو الأقرب حالياً، إذ قد يسعى ماكرون إلى تشكيل حكومة تكنوقراط أو توافقية، لكن دون ضمان نجاحها، في ظل استعداد اليسار واليمين لإسقاط أي حكومة لا تتبنى برامجهما.

ويرى محللون أن ماكرون يجد نفسه اليوم أمام مأزق سياسي تاريخي، فإما أن يخضع لشروط الكتل المعارضة، وإما أن يواجه سلسلة متكررة من حكومات قصيرة العمر، مما يشلّ الأداء التنفيذي للدولة.

تشكيلة لم تصمد

وكان لوكورنو، الذي كان يشغل سابقاً منصب وزير الدفاع، قد كلّف بإخراج البلاد من حالة الشلل السياسي. إلا أن حكومته واجهت انتقادات حادة فور إعلانها، إذ احتفظ وزراء أساسيون بمناصبهم مثل:

* جان-نويل بارو وزير الخارجية،

* برونو ريتايو وزير الداخلية،

* جيرالد دارمانان وزير العدل،

* ورشيدة داتي وزيرة الثقافة، رغم مثولها المرتقب أمام القضاء بتهم فساد.

كما تمّ تعيين برونو لو مير، وزير الاقتصاد السابق، على رأس وزارة الدفاع، ورولان ليسكيور وزيراً للاقتصاد، في وقت تواجه فيه فرنسا عجزاً متزايداً في الموازنة وتباطؤاً اقتصادياً واضحاً.

 مأزق غير مسبوق في الجمهورية الخامسة

يرى مراقبون أن الأزمة الحالية تمثل أخطر اختبار سياسي في تاريخ الجمهورية الخامسة، حيث أصبح الرئيس الفرنسي محاصراً بين معارضة برلمانية قوية وجمهور ساخط، فيما تزداد الضغوط الشعبية والاقتصادية مع تصاعد الاحتجاجات ضد سياسات التقشف.

ويختم المراقبون بأن فرنسا تدخل الآن مرحلة غموض سياسي نادر، قد تحدد نتائجها مستقبل الحياة الديمقراطية في البلاد، في وقت يواجه فيه ماكرون أحد أصعب التحديات في مسيرته السياسية.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى