تقارير

لماذا تتصارع روسيا والاتحاد الأوروبي على مستقبل مولدوفا مع الانتخابات البرلمانية؟

تشهد مولدوفا اليوم انتخابات برلمانية حاسمة يُتوقع أن تحدد مستقبل هذا البلد الصغير الواقع بين أوكرانيا ورومانيا. وتكتسب هذه الانتخابات أهمية استثنائية، إذ تعتبر اختبارًا حقيقيًا لموقع مولدوفا الجيوسياسي بين روسيا والاتحاد الأوروبي، في وقت يشتد فيه التنافس بين موسكو وبروكسل على النفوذ في شرق أوروبا.

صراع بين الشرق والغرب

بحسب وكالة “رويترز”، فإن نتيجة الانتخابات سيكون لها تأثير مباشر على توجهات السياسة الخارجية لمولدوفا. فالرئيسة مايا ساندو تراهن على فوز حزبها المعروف باسم “حزب التضامن والعمل” بالأغلبية البرلمانية، لتمكينها من المضي قدمًا في مشروع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة ترى فيها القيادة المولدوفية مستقبلًا أكثر استقرارًا وازدهارًا.

في المقابل، تسعى الكتلة الوطنية المعارضة المدعومة من موسكو إلى تحقيق مكاسب انتخابية كبيرة، تمنحها القدرة على تغيير المسار السياسي لمولدوفا، وإبعادها عن الاتحاد الأوروبي، وربطها أكثر بالمجال الروسي. وبذلك تتحول الانتخابات إلى معركة بين خيارين: “أوروبا” و”روسيا”.

مخاوف من تكرار سيناريو جورجيا

يرى محللون أن فشل حزب التضامن في الحصول على الأغلبية سيضع مولدوفا في موقف مشابه لجورجيا، التي عادت خلال السنوات الأخيرة إلى دائرة النفوذ الروسي.

ويخشى الخبراء من أن يؤدي أي تراجع لمشروع الاندماج الأوروبي إلى تقوية النفوذ الروسي داخل البلاد، خصوصًا في ظل هشاشة الاقتصاد المولدوفي واعتماده على الدعم الخارجي.

وتشير التوقعات إلى أن الانتخابات ستكون صعبة، إذ يواجه حزب التضامن معركة شرسة أمام الكتلة الوطنية التي تسعى لاستغلال التحديات الاقتصادية والضغوط الاجتماعية لإقناع الناخبين بضرورة الابتعاد عن الاتحاد الأوروبي.

الأبعاد الجيوسياسية

تكتسب مولدوفا أهمية استراتيجية نظرًا لموقعها الجغرافي الحساس، فهي دولة سوفييتية سابقة تقع بين أوكرانيا ورومانيا، وتشكل بوابة حيوية بين الشرق والغرب.

وتحتفظ روسيا بنحو 1000 جندي في إقليم ترانسنيستريا الانفصالي الواقع شرق مولدوفا، وهو ما يعزز قدرة موسكو على ممارسة ضغوط عسكرية وسياسية على الحكومة في كيشيناو.

وترى موسكو أن أي تقارب مولدوفي مع الاتحاد الأوروبي أو الناتو يمثل تهديدًا مباشرًا لمصالحها في المنطقة.

في المقابل، يعتبر الاتحاد الأوروبي الانتخابات الحالية بمثابة اختبار لمصداقية النفوذ الغربي في شرق أوروبا، ومحاولة لتوسيع دائرة الاستقرار الأوروبي في مواجهة الطموحات الروسية.

معركة النفوذ الروسي والأوروبي

يؤكد الخبراء أن الانتخابات المولدوفية ليست مجرد استحقاق محلي، بل هي جزء من صراع أشمل بين روسيا والاتحاد الأوروبي على إعادة رسم الخريطة السياسية في أوروبا الشرقية.

فإذا نجح حزب التضامن في تحقيق الأغلبية، فإن الطريق سيكون مفتوحًا أمام تسريع إجراءات التقارب مع بروكسل، وربما بدء خطوات عملية نحو العضوية الأوروبية.

أما في حال تمكنت الكتلة الوطنية المعارضة من حصد الأصوات، فقد يشهد البلد تحولًا جذريًا في مساره السياسي، يقوده بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي ويعيده إلى مدار موسكو، بما يترتب على ذلك من تغييرات في السياسات الاقتصادية والأمنية.

الخلاصة

بين ضغوط الداخل ومنافسة الخارج، تقف مولدوفا على مفترق طرق تاريخي. نتائج الانتخابات لن تحدد فقط شكل الحكومة المقبلة، بل سترسم ملامح توجه البلاد لسنوات طويلة قادمة: إما الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والانفتاح على الغرب، أو العودة إلى النفوذ الروسي وما يحمله من تبعات سياسية واقتصادية.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى