الرئيس الإيراني يتحدى الغرب مع عودة العقوبات الدولية

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا على الساحة الدولية، أبدى الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان موقفًا متصلبًا تجاه التحركات الغربية لإعادة فرض العقوبات على طهران، بسبب ما اعتبره المجتمع الدولي إخفاقًا إيرانيًا في الالتزام ببنود الاتفاق النووي الموقع عام 2015. يأتي هذا الموقف في وقت حساس يتزامن مع تصاعد الضغوط الدولية، ومحاولات الولايات المتحدة وحلفائها دفع إيران لتغيير سياستها النووية.
رفض الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي
خلال تصريحاته، شدد بزشكيان على أن إيران لن تنسحب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، معتبرًا ذلك التزامًا قانونيًا وسياسيًا أمام المجتمع الدولي. لكنه في المقابل، لم يبدِ أي استعداد للتجاوب مع مطلب واشنطن بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم، وهو الشرط الأساسي الذي تتمسك به الولايات المتحدة والدول الأوروبية كمدخل لإحياء المفاوضات. هذا التناقض بين التمسك بالمعاهدة ورفض الشروط الدولية، يعكس توجه إيران نحو سياسة “التحدي والمرونة المحدودة”، وهو ما يضع المفاوضات النووية أمام مستقبل غامض.
إقرأ أيضًا: طهران وموسكو توقعان اتفاقية بقيمة 25 مليار دولار لبناء 4 محطات نووية بإيران
تفتيش المواقع النووية
أفادت تقارير صحفية بأن المفتشين الدوليين قد يزورون قريبًا مواقع نووية رئيسية داخل إيران، وهو ما أكدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي طالبت طهران بالكشف عن بعض الأنشطة المرتبطة بالبرنامج النووي. ويأتي هذا التحرك بعد أن تعرضت منشآت نووية إيرانية لهجمات سيبرانية وعسكرية نُسبت إلى إسرائيل والولايات المتحدة، في محاولة لإضعاف القدرات الإيرانية ومنعها من تطوير برنامجها النووي بشكل متسارع.
التوقيت الحرج ومجلس الأمن
يأتي موقف الرئيس الإيراني في وقت يُنتظر فيه أن يصوّت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار روسي يهدف إلى منع إعادة فرض العقوبات عبر آلية “سناب باك”. لكن التوقعات تشير إلى أن المشروع قد يفشل، ما يفتح الباب أمام عودة العقوبات الأممية بحلول أكتوبر المقبل. هذه العقوبات، في حال إقرارها، ستُعيد إيران إلى مربع العزلة الدولية، وتضع اقتصادها تحت ضغط مضاعف بعد سنوات من التعافي النسبي.
التداعيات الاقتصادية والسياسية
رغم التهديد بعودة العقوبات، يؤكد محللون أن طهران ما زالت تراهن على شبكة تحالفاتها الإقليمية والدولية، خاصة مع روسيا والصين وبعض القوى الآسيوية، لتخفيف حدة الضغوط الاقتصادية. لكن في الوقت ذاته، فإن التحديات الداخلية مثل تراجع العملة الوطنية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة، تجعل إيران أكثر عرضة للتأثر بأي قيود اقتصادية جديدة.
سياسيًا، قد يعزز خطاب بزشكيان موقفه داخليًا أمام التيار المحافظ الذي يرفض تقديم تنازلات للغرب، لكنه في المقابل يضع الحكومة أمام معضلة التوفيق بين الشعارات السياسية ومتطلبات الحياة اليومية للمواطن الإيراني.
قراءة مستقبلية
تشير التقديرات إلى أن العقوبات وحدها قد لا تكون كافية لإجبار إيران على تغيير مسارها النووي، لكنها ستدفعها بلا شك إلى البحث عن خيارات بديلة للبقاء في المعادلة الدولية. ومن المرجح أن تسعى طهران إلى تعزيز تعاونها مع بكين وموسكو، وتوسيع شراكاتها الاقتصادية في آسيا، مع الاستمرار في سياسة المناورة السياسية تجاه الغرب.
وفي النهاية، يظهر أن الملف الإيراني يدخل مرحلة جديدة من التصعيد، حيث يلتقي التعنت السياسي بالعقوبات الاقتصادية، وهو ما يجعل الأشهر المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل الاتفاق النووي، ومسار العلاقة بين إيران والمجتمع الدولي.