قادة عرب يحددون شروطاً حاسمة لدعم خطة ترامب لوقف الحرب في غزة

في تطور يُعد الأول من نوعه، كشف تقرير لموقع “أكسيوس” الأمريكي عن تفاصيل اجتماع حاسم عقده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع قادة ومسؤولين رفيعي المستوى من دول عربية وإسلامية في نيويورك، على هامش الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
جاء الاجتماع يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025، وشهد عرض ترامب لخطة شاملة تتكون من 21 نقطة رئيسية تهدف إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مع التركيز على آليات الحكم ما بعد النزاع واستبعاد حركة حماس تماماً من أي دور مستقبلي.
المشاركون والسياق العام
شارك في الاجتماع قادة وممثلون كبار عن ثماني دول رئيسية: السعودية، الإمارات العربية المتحدة، قطر، مصر، الأردن، تركيا، إندونيسيا، وباكستان.
وفقاً لمصادر مطلعة، كان الاجتماع مكثفاً واستمر لساعات، حيث قدم ترامب المخطط بالتعاون مع مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف.
وأكدت المصادر أن هذه الخطة تمثل الاقتراح الأمريكي الأكثر تفصيلاً حتى الآن، وتهدف إلى تحقيق وقف إطلاق نار دائم، مع التركيز على إعادة الإعمار والاستقرار في المنطقة.
ومع ذلك، أبدى المشاركون العرب والإسلاميون تفاؤلاً مشروطاً، مشددين على ضرورة تعديل بعض الجوانب لضمان التوافق الإقليمي.
تفاصيل الخطة الأمريكية
الخطة، التي وصفها ويتكوف بـ”خطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط لغزة”، تركز على عدة محاور أساسية:
– إنهاء القتال وإطلاق الأسرى: إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة (حوالي 48 رهينة متبقية)، مقابل وقف إطلاق نار شامل ودائم.
– انسحاب إسرائيلي تدريجي: سحب القوات الإسرائيلية من جميع أنحاء القطاع، مع ضمان عدم إعادة احتلال أي مناطق مستقبلاً.
– الحكم ما بعد الحرب: إنشاء آلية حكم انتقالية في غزة تستبعد حماس، تشمل دوراً للسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى نشر قوة أمنية مشتركة تضم عناصر فلسطينية وجنوداً من دول عربية وإسلامية للحفاظ على الأمن والاستقرار.
– الإعادة الإعمار والدعم الاقتصادي: تمويل دولي من الدول العربية والإسلامية لإعادة بناء غزة، مع إدخال مساعدات إنسانية فورية عبر منظمات دولية. كما يشمل المقترح برنامجاً للانتقال الاقتصادي يهدف إلى تحويل القطاع إلى نموذج تنموي مستدامة
أكد ترامب خلال الاجتماع أن “الحرب يجب أن تنتهي عاجلاً”، مشيراً إلى أن استمرارها يزيد من عزلة إسرائيل دولياً، وأعرب عن التزامه بمنع أي ضم إسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية، وهو التعهد الذي أشاد به بعض المسؤولين العرب.
الشروط العربية والإسلامية للقبول
رغم الترحيب الأولي، لم يقبل القادة العرب والإسلاميون الخطة دون شروط صارمة، التي يُنظر إليها كـ”خطوط حمراء” لضمان عدم تكرار الأخطاء السابقة في النزاع. وفقاً لمصادر “أكسيوس” وتقارير إعلامية أخرى، تشمل هذه الشروط:
– عدم السماح بالضم أو الاحتلال: رفض قاطع لأي محاولة إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية أو غزة، مع التأكيد على عدم السماح باحتلال أي أراضٍ فلسطينية.
– منع بناء المستوطنات: حظر بناء أي مستوطنات جديدة في غزة أو الضفة الغربية، للحفاظ على الوضع الراهن.
– حماية المقدسات: وقف إسرائيل عن أي إجراءات تقويض الوضع القائم في المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس.
– زيادة الدعم الإنساني: تسهيل وتسريع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة فوراً، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود، لمواجهة الأزمة الإنسانية الحادة التي أودت بحياة عشرات الآلاف.
أوضحت المصادر أن هذه الشروط تم طرحها كشرط أساسي لدعم الخطة، مع التأكيد على أنها ستكون خطة “أمريكية بحتة” وليست مجرد دعم لموقف إسرائيلي.
وفي الوقت نفسه، أبدى ترامب التزاماً بتلك الشروط، خاصة فيما يتعلق بعدم الضم، لكن المصادر أشارت إلى أن الخطة تحتاج إلى “تحسينات إضافية” بالتشاور مع الدول العربية.
الردود والتطورات اللاحقة
أعرب المشاركون عن تفاؤل كبير بعد الاجتماع، حيث وصفه مسؤول عربي بأنه “جيد للغاية”، وأكد آخر أن “القادة غادروا متفائلين”، مشيراً إلى أن “هذه المرة الأولى التي نشعر فيها بخطة جادة على الطاولة”.
وفي بيان مشترك صدر بعد الاجتماع مباشرة، أكد زعماء السبع دول (باستثناء تركيا) التزامهم بالتعاون مع ترامب، وقالوا: “نؤكد التزامنا بالمشاركة في خطة ما بعد الحرب، وأهمية قيادته لإنهاء النزاع وفتح آفاق السلام العادل والدائم”.
من جانبه، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بياناً منفصلاً يثني على الجهود الأمريكية، واصفاً الخطة بأنها “أساس هام يمكن البناء عليه لتحقيق السلام في الشرق الأوسط”. كما أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باللقاء بأنه “مثمر”، معربًا عن ارتياحه للنتائج.
على الصعيد التشغيلي، عقد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إلى جانب ويتكوف، اجتماعاً مع وزراء خارجية السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن يوم الأربعاء، لتحويل المبادئ إلى خطة مفصلة قابلة للتنفيذ.
وأفادت مصادر إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على دراية عامة بالمبادئ، وأن مبعوثيه جدوا مناقشات مع مستشاري ترامب مثل جاريد كوشنر وديفيد بلير. وخطط ترامب لمناقشة الخطة مع نتنياهو في البيت الأبيض يوم الاثنين المقبل (29 سبتمبر)، لضمان دعمه.
أكد مسؤول عربي أن “الخطة الأمريكية جيدة لكنها بحاجة إلى مزيد من التحسين بالمشاركة العربية، وبعد ذلك ستحتاج الولايات المتحدة إلى إقناع نتنياهو بها”. ومع ذلك، يبقى التحدي في الحصول على توافق إسرائيلي، خاصة مع مخاوف من معارضة أجزاء تتعلق بدور السلطة الفلسطينية.
هذا الاجتماع يأتي في سياق أزمة إنسانية متفاقمة في غزة، حيث أودت الحرب بحياة أكثر من 65 ألف فلسطيني، معظمهم مدنيون، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف النزاع وإعادة الاعتراف بدولة فلسطينية.
يُنظر إلى هذه الخطة كفرصة محتملة لكسر الجمود، لكن نجاحها يعتمد على الالتزام بالشروط العربية والضغط على إسرائيل للتنازلات.