إيران تكشف “كنزاً” من الوثائق السرية حول البرنامج النووي الإسرائيلي وتتهم الوكالة الدولية بالتواطؤ

في خطوة تعكس تصعيداً في التوترات الإقليمية، عرض التلفزيون الرسمي الإيراني يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025، وثائقياً يدعي الكشف عن مجموعة واسعة من الوثائق واللقطات المرتبطة بالبرنامج النووي الإسرائيلي، الذي يُعتبر غامضاً وغير معلن رسمياً.
وصف الوثائقي هذه المواد بأنها “كنز بيانات” يحتوي على تفاصيل حساسة عن منشآت نووية وعسكرية إسرائيلية، مما يأتي في سياق حرب قصيرة الأمد اندلعت بين البلدين في يونيو 2025، والتي استمرت 12 يوماً بعد هجوم إسرائيلي مفاجئ على منشآت إيرانية.
تفاصيل الوثائق واللقطات المعروضة
أظهر البرنامج التلفزيوني نسخاً من جوازات سفر مزعومة لعلماء إسرائيليين، بالإضافة إلى قوائم بأسماء مشاركين في مشاريع نووية، بما في ذلك أجانب.
كما عرض لقطات فيديو يُقال إنها التقطت داخل مفاعل ديمونا النووي في جنوب إسرائيل، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه يشكل النواة الرئيسية للترسانة النووية الإسرائيلية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وفقاً للوثائقي، تشمل هذه البيانات معلومات عن مواقع منشآت عسكرية سرية، ومشاريع أسلحة متقدمة، وتفاصيل فنية حول برامج نووية غير مشروعة بالتعاون مع مؤسسات أمريكية وأوروبية.
أكد الوثائقي أن إيران حصلت على هذه الوثائق قبل اندلاع الحرب في يونيو، حيث استخدمت بعضها لاستهداف مواقع حساسة داخل إسرائيل خلال ذلك الشهر.
ووصفت المواد بأنها “آلاف الوثائق السرية”، تم نقلها إلى إيران تحت إشراف صارم، وتشمل خططاً وبيانات استراتيجية تعزز موقع طهران في المواجهة الإقليمية.
تصريحات وزير الاستخبارات الإيراني
تحدث وزير الاستخبارات الإيراني إسماعيل خطيب في الوثائقي عن دور موظفين في الصناعة النووية الإسرائيلية، والجيش، وحتى مواطنين عاديين، في نقل هذه البيانات إلى إيران.
أوضح خطيب أن بعض المتعاونين تلقوا أموالاً مقابل مساعدتهم، بينما دفع آخرين دافعاً من “الكراهية” تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضاف أن هذه العملية تمثل “عملية استخباراتية ناجحة”، وأن الوثائق ستُنشر تدريجياً لكشف “الخداع الإسرائيلي للغرب” بشأن برنامجه النووي.
اتهامات للوكالة الدولية للطاقة الذرية
أثار الوثائقي جدلاً إضافياً بعرض صور شخصية للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، بما في ذلك صورة تظهره يقبل شخصاً متنكراً بزي “ميني ماوس”.
واتهمت إيران إسرائيل بالتجسس على غروسي للحصول على هذه الصور، متهمة الوكالة بالتواطؤ الجزئي مع إسرائيل.
وأشارت طهران إلى أن الوكالة فشلت في إدانة الضربات الإسرائيلية والأمريكية على منشآتها النووية خلال الحرب، مما يعكس تحيزاً واضحاً.
منذ الهجوم الإسرائيلي في يونيو 2025، وجهت القيادة الإيرانية انتقادات حادة للوكالة وغروسي، معتبرة إياهم شركاء في الاعتداءات. وفي سياق ذي صلة، أعلن نائب في البرلمان الإيراني مؤخراً أن “حان الوقت للهجوم على ديمونا”، مشيراً إلى المنشأة الإسرائيلية كاستهداف محتمل كرد على الضربات السابقة.
السياق الإقليمي والدولي
يأتي بث هذا الوثائقي وسط توتر متصاعد بين إيران والدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، حول البرنامج النووي الإيراني.
تتهم واشنطن وتل أبيب طهران بالسعي لامتلاك قنبلة نووية، رغم نفي إيران لهذه الاتهامات وتأكيدها على حقها في الطاقة النووية السلمية.
وفقاً لتقارير الوكالة الدولية، بلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب 9,874.9 كيلوغراماً حتى سبتمبر 2025، مع زيادة بنسبة 627.3 كيلوغرام منذ مايو، مما يثير مخاوف من إمكانية إنتاج أسلحة نووية.
الحرب بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025 بدأت بهجوم إسرائيلي “وقائي” على منشآت نووية إيرانية في 13 يونيو، تلاه رد إيراني بصواريخ باليستية، ثم تدخل أمريكي بضربات على مواقع في فوردو ونطنز وأصفهان.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار في 23 يونيو، لكن التوترات مستمرة، مع اعتقالات إسرائيلية لمتهمين بالتجسس لصالح إيران.
أثارت هذه الوثائق اتهامات إيرانية للولايات المتحدة وأوروبا بأنهما “شريكان ومقاولان” في البرنامج النووي الإسرائيلي، الذي بدأ في الخمسينيات بمساعدة فرنسية وأمريكية، وفقاً لوثائق تاريخية رفعت عنها السرية مؤخراً.
ولم تُعلق إسرائيل رسمياً على هذه الادعاءات، لكنها نفت سابقاً أي نشاط نووي عسكري، معتمدة سياسة “الغموض النووي”.
الآثار المحتملة
يُنظر إلى هذا الكشف كمحاولة إيرانية لتعزيز موقفها التفاوضي، خاصة مع اقتراب اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية في سبتمبر 2025، حيث تهدد دول غربية بفرض عقوبات جديدة على طهران.
كما يعكس الوثائقي استراتيجية إيرانية للضغط على إسرائيل، مع تحذيرات من مخاطر استهداف ديمونا، الذي يُعتبر محمياً بتحصينات قديمة نسبياً، وفقاً لخبراء عسكريين.
وفي الوقت نفسه، يبرز هذا التناقض في المعايير الدولية تجاه البرامج النووية في المنطقة، حيث يُراقب العالم البرنامج الإيراني بصرامة بينما يبقى الإسرائيلي غير خاضع للتفتيش.
هذا التطور يأتي في ظل أزمات إقليمية أوسع، بما في ذلك الحرب في غزة والتوترات مع الحوثيين في اليمن، مما يعزز من مخاوف اندلاع صراع أوسع في الشرق الأوسط.