أخبار دولية

ملك إسبانيا في القاهرة لأول مرة.. زيارة تاريخية ورؤية مشتركة

كتبت: شروق محمد

تشهد العاصمة المصرية حدثًا دبلوماسيًا بارزًا مع وصول العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس والملكة ليتيثيا إلى القاهرة في زيارة دولة تستمر من 16 إلى 19 سبتمبر 2025، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وتُعد هذه الزيارة الأولى من نوعها للملك وزوجته إلى مصر، حيث يرافقهما وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، في مؤشر واضح على قوة العلاقات المتنامية بين القاهرة ومدريد.

برنامج الزيارة الملكية

يحمل جدول الزيارة أبعادًا سياسية واقتصادية وثقافية متشابكة، حيث يستقبل الرئيس السيسي وقرينته السيدة انتصار الضيفين في قصر الاتحادية، قبل أن ينطلق برنامج حافل بالفعاليات.

ويشمل البرنامج جولات في القاهرة والأقصر وزيارات لمواقع أثرية كبرى، بما يعكس تقدير الجانب الإسباني للإرث الحضاري المصري، ويؤكد عمق الروابط التاريخية والثقافية بين البلدين.
ومن أبرز محطات الزيارة، انعقاد منتدى الأعمال المصري – الإسباني الذي من المتوقع أن يشكل منصة حيوية لتعزيز الشراكة الاقتصادية، وفتح آفاق جديدة أمام الشركات الإسبانية العاملة في السوق المصري، خاصة في القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية والنقل والطاقة.

شراكة استراتيجية متصاعدة

تأتي الزيارة الملكية في أعقاب إعلان القاهرة ومدريد ترقية العلاقات الثنائية إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية” في فبراير 2025، خلال زيارة الرئيس السيسي إلى العاصمة الإسبانية مدريد.

وقد شكل ذلك الإعلان نقلة نوعية أكدت حرص الجانبين على تعميق التعاون في مجالات متعددة تشمل: التجارة والاستثمار، الزراعة، السياحة، الدفاع، الهجرة النظامية، والثقافة.

وأكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز آنذاك الدور المحوري للشركات الإسبانية في دعم مشروعات البنية التحتية المصرية، خاصة في قطاع السكك الحديدية، مشيرًا إلى أن مصر تعد واحدة من أبرز المستفيدين من أدوات التمويل الإسبانية مثل صندوق دعم تدويل الشركات (FIEM) والوكالة الإسبانية للتأمين على الصادرات (CESCE).

توافق سياسي في قضايا المنطقة

على الصعيد السياسي، تعكس الزيارة تقاربًا في المواقف تجاه قضايا الشرق الأوسط، وفي مقدمتها الوضع في غزة. فقد شدد سانشيز مرارًا على رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من القطاع، مؤكدًا أن غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية المستقبلية، وهو موقف حظي بتقدير القاهرة في ضوء دورها المحوري في إدارة الأزمات الإقليمية والعمل على استعادة الاستقرار.

العلاقات الاقتصادية والثقافية

لطالما اتسمت العلاقات بين مصر وإسبانيا بالتميز، خاصة في المجالين الاقتصادي والثقافي. فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 2.5 مليار يورو في عام 2024، وهو ما جعل القاهرة الشريك التجاري الأول لمدريد في شمال إفريقيا.

وتبذل الجهود حاليًا لإزالة العقبات أمام الاستثمارات الإسبانية، بما يتيح تدفقًا أكبر لرؤوس الأموال نحو قطاعات استراتيجية.

أما على المستوى الثقافي والعلمي، فيُعد التعاون بين البلدين أحد أعمدة العلاقة الثنائية، حيث تهدف المشروعات الثقافية الإسبانية في مصر إلى تعزيز التبادل المعرفي والحفاظ على التراث، في وقت تشهد فيه المؤسسات التعليمية والبحثية تعاونًا متزايدًا ينعكس في مبادرات مشتركة بمجال البحث العلمي والتعليم العالي.

دبلوماسية نشطة وتنسيق دائم

تعكس الزيارة الملكية وتيرة التشاور المتنامية بين القاهرة ومدريد، والتي تترجمها اللقاءات المتكررة بين وزيري الخارجية في البلدين، لتأكيد توافق الرؤى بشأن قضايا الاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ومن المتوقع أن تضيف زيارة الملك فيليبي السادس والملكة ليتيثيا زخمًا جديدًا لمسار العلاقات، وتفتح آفاقًا أوسع أمام تعاون مصري – إسباني أكثر عمقًا وشمولًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى