هل تفتح دمشق وتل أبيب باب التهدئة؟ محادثات أمنية بوساطة أميركية

تشهد العلاقات بين سوريا وإسرائيل تطورات ملحوظة مع مساعٍ لإبرام اتفاق أمني محدود، بدعم أمريكي، يركز على تهدئة الوضع في الجنوب السوري.
تهدف المحادثات، التي تُجرى بتكثيف خلال الفترة الأخيرة، إلى استعادة الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل مؤخراً، دون أن تصل إلى معاهدة سلام شاملة.
ووفقاً لمصادر تضم مسؤولين عسكريين وسياسيين سوريين، وأشخاصاً في الأجهزة الاستخباراتية، إلى جانب مسؤول إسرائيلي، فإن الاتفاق يُعتبر خطوة إيجابية رغم طابعه المتواضع.
وتتزامن هذه الجهود مع ضغوط أمريكية لتحقيق تقدم قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية الشهر، حيث تسعى واشنطن لتعزيز دورها الدبلوماسي في المنطقة.
تفاصيل المقترح السوري
يركز الاقتراح السوري على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي استولت عليها في الأشهر الأخيرة، مع إعادة تفعيل المنطقة العازلة المنصوص عليها في هدنة 1974 كمنطقة خالية من السلاح.
كما يطالب المقترح بوقف الغارات الجوية والعمليات البرية الإسرائيلية داخل سوريا، بهدف تثبيت الاستقرار على الحدود.
وأكد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع التزام دمشق باتفاق فصل القوات منذ التغييرات السياسية الأخيرة في ديسمبر الماضي، متهماً إسرائيل بخرق الاتفاق بعد انهيار النظام السابق.
وأشار إلى أن المفاوضات تهدف إلى ضمان انسحاب إسرائيل واستعادة الوضع السابق في المنطقة العازلة.
موقف إسرائيل والدور الأمريكي
أبدت إسرائيل تردداً في التخلي عن مكاسبها الأخيرة خلال المحادثات المغلقة. ويرى مصدر أمني إسرائيلي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لتقديم نفسه كوسيط دبلوماسي ناجح في الشرق الأوسط، لكن إسرائيل لا تبدي استعداداً لتقديم تنازلات كبيرة. من جانبها، أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن دعمها لأي مبادرات تسهم في تحقيق استقرار دائم بين سوريا وإسرائيل ودول الجوار.
هضبة الجولان: قضية مؤجلة
لم تتطرق المحادثات إلى مصير هضبة الجولان، التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وضمتها رسمياً عام 1981.
وأوضح مصدر سوري أن دمشق قررت تأجيل مناقشة هذا الملف إلى مرحلة لاحقة، مركزة على التهدئة الأمنية حالياً.
في المقابل، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن أي تطبيع مع سوريا مشروط بالاحتفاظ بالجولان، معتبراً إياها جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل. كما شدد سكان الجولان السوريون على ضرورة الحفاظ على حقوقهم في ظل الاحتلال.
سياق التوترات
تأتي هذه المحادثات في ظل توترات متواصلة بين البلدين منذ تأسيس إسرائيل عام 1948. وفي الفترة الأخيرة، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية، حيث قصفت أهدافاً سورية وتقدمت قواتها إلى مسافة 20 كيلومتراً من دمشق، مع تعزيز وجودها في جبل الشيخ وإقامة مواقع عسكرية جديدة.
ورغم تقارير عن توافق بنسبة 80% على النقاط الأمنية، وتوقعات بتوقيع اتفاق محتمل في 25 سبتمبر برعاية أمريكية، نفت دمشق وجود اتصالات مباشرة أو اتفاقات سرية، مؤكدة التزامها بالقانون الدولي الذي يرفض ضم الجولان.
ومن المتوقع أن يسبق التوقيع خطاب للرئيس الشرع في نيويورك يوم 24 سبتمبر، لكن الاتفاق سيبقى محصوراً في الجوانب الأمنية دون الخوض في تطبيع شامل أو قضية الجولان.
يُمثل هذا الاتفاق خطوة أولية نحو التهدئة، لكنه يترك ملف الجولان دون حل، مما قد يشكل عقبة أمام أي تقدم مستقبلي نحو سلام دائم بين سوريا وإسرائيل.