اقتصاد وتكنولوجياتقاريرمقالات

حجب منصات التواصل الاجتماعي في نيبال: ديناميكيات التغيير والتحول

مريم حسن

يُعد التواصل الاجتماعي أحد أبرز الظواهر الرقمية في نيبال، حيث أصبح جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لملايين السكان.

مع انتشار الإنترنت والذكاء الاصطناعي المحمول، شهدت نيبال نموًا هائلًا في استخدام التطبيقات الاجتماعية، خاصة بين الشباب والجيل Z.

وفقًا للبيانات المتاحة في بداية عام 2025، بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في نيبال حوالي 14.3 مليون مستخدم، أي ما يعادل 48.1% من إجمالي السكان البالغ عددهم نحو 29.7 مليون نسمة. هذا النمو يعكس نسبة اختراق إنترنت تصل إلى 55.8%، مع زيادة بنسبة 5.6% مقارنة بعام 2024.

ومع ذلك، أدى هذا الانتشار إلى تحديات مثل التنظيم الحكومي والمخاوف الأمنية، مما أدى إلى أحداث دراماتيكية في أواخر عام 2025، بما في ذلك حظر مؤقت لعدة تطبيقات رئيسية أثار احتجاجات واسعة. يغطي هذا التقرير التطبيقات الرئيسية، الإحصائيات، التأثيرات، والأحداث الجارية حتى تاريخ 9 سبتمبر 2025.

 التطبيقات الرئيسية وشعبيتها

تتنوع تطبيقات التواصل الاجتماعي في نيبال بين المنصات العالمية والمحلية، مع تركيز قوي على الفيسبوك كأكثرها استخدامًا. إليك نظرة مفصلة على أبرزها بناءً على بيانات عام 2025:

فيسبوك (Facebook): يحتل المرتبة الأولى بفارق كبير، حيث يبلغ عدد مستخدميه 14.3 مليون في يناير 2025، أي 51.5% من السكان. يُستخدم للتواصل اليومي، مشاركة الأخبار، والتسوق عبر الإعلانات. نسبة الإناث 44.3% والذكور 55.7%، وهو المنصة الأكثر تفاعلًا بين البالغين فوق 18 عامًا (72.8% من هذه الفئة).

في السنوات الأخيرة، أصبحت ميزات مثل الريلز (Reels) وميسنجر (Messenger) أداة رئيسية للدخل، مع 14.8 مليون مستخدم للميسنجر وحده.

إنستغرام (Instagram): يحظى بشعبية كبيرة بين الشباب، مع 4.1 مليون مستخدم (13% من السكان). يركز على المحتوى البصري مثل الصور والفيديوهات القصيرة، وهو مثالي للمؤثرين في مجالات الموضة، السفر، والطعام.

في 2025، أصبحت الريلز أداة تسويقية قوية، حيث يعتمد عليها الشباب للتعبير عن الهوية الثقافية النيبالية، مثل احتفالات داشين (Dashain).

يوتيوب (YouTube): يُعتبر منصة الفيديو الرئيسية، مع ملايين المستخدمين اليوميين للمحتوى التعليمي، الترفيهي، والإخباري.

يساهم في اقتصاد المحتوى الرقمي، حيث يعتمد الكثير من النيباليين على الإعلانات للدخل، خاصة في المناطق الريفية. ومع ذلك، أثار مخاوف بشأن نشر المعلومات المضللة.

تيك توك (TikTok): شهد نموًا سريعًا بين الجيل Z، مع ملايين المستخدمين للفيديوهات القصيرة المضحكة والترفيهية. في 2025، أصبحت أداة للتعبير السياسي، مثل حملات “nepo kids” التي تنتقد أسلوب حياة أبناء السياسيين. تم حظرها مؤقتًا في 2023 بسبب “الانشقاق الاجتماعي”، لكنها عادت بعد التسجيل الحكومي.

واتساب (WhatsApp) وفايبر (Viber): تُستخدمان للرسائل الفورية والمكالمات، مع 14.8 مليون مستخدم لواتساب.

فايبر أصبح الأكثر تحميلًا بعد الحظر الأخير، حيث قفز من المرتبة 89 إلى الأولى في متجر غوغل بلاي، خاصة للتواصل مع العمال النيباليين في الخارج (حوالي 7.5% من السكان)

تويتر (X، سابقًا Twitter) ولينكدإن (LinkedIn): X يُستخدم للنقاشات السياسية، مع 2 مليون مستخدم، بينما لينكدإن يركز على المهنيين (2 مليون عضو). أخرى مثل سناب شات (Snapchat) وتيليغرام (Telegram) لديها ملايين المستخدمين للتواصل الخاص.

منصات محلية مثل هامرو باترو (Hamro Patro) وغلوبال دايري (Global Diary) سجلت مؤخرًا، مما يعكس اتجاهًا نحو التطبيقات المحلية.

 الإحصائيات والنمو

في يناير 2025، ارتفع عدد مستخدمي وسائل التواصل إلى 14.3 مليون، مع زيادة 750 ألف مستخدم عن العام السابق.

يقضي النيباليون في المتوسط 2 ساعات و23 دقيقة يوميًا على المنصات، مع تركيز 98% على الهواتف المحمولة. الشباب (18-24 عامًا) يمثلون الفئة الأكبر، حيث يستخدم 86.2% من مستخدمي الإنترنت الاجتماعي.

فيسبوك يسيطر على 74% من الاستخدام، تليه يوتيوب وإنستغرام. وفقًا لتقارير، يعتمد 80% من حركة الإنترنت في نيبال على التواصل الاجتماعي، مما يجعله محركًا اقتصاديًا رئيسيًا. الاتجاهات تشمل زيادة الفيديوهات القصيرة (82% من التفاعلات) والتسوق عبر الإنترنت (72%).

التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية

التأثيرات الاجتماعية: ساعدت التطبيقات في تعزيز التواصل بين العائلات، خاصة مع 7.5% من السكان في الخارج كعمال مهاجرين.

كما ساهمت في نشر الثقافة النيبالية، مثل مشاركة الاحتفالات والأخبار المحلية. ومع ذلك، أدت إلى مشكلات مثل التنمر الإلكتروني، الاحتيال عبر الإنترنت، والمعلومات المضللة، مما أثار مخاوف حول “الانشقاق الاجتماعي”.

التأثيرات الاقتصادية: أصبحت المنصات مصدر دخل رئيسيًا للشباب، حيث يعتمد 38% من الاقتصاد غير الرسمي على التسويق الرقمي.

الأعمال الصغيرة (923 ألف شركة، 49% غير مسجلة) تبيع عبر فيسبوك وإنستغرام، بينما يحقق المؤثرون والمنشئون المحتوى أرباحًا من الإعلانات. في 2025، أطلقت فيسبوك برنامج تحقيق دخل من الريلز، لكن الحظر أوقف هذا، مما أثر على السياحة (التي تعتمد على التواصل للترويج) والتجارة الإلكترونية. انخفاض حركة الإنترنت بنسبة كبيرة أدى إلى خسائر لمزودي الاتصالات.

التأثيرات السياسية: أصبحت المنصات أداة للنقاش السياسي، حيث استخدمها الشباب لانتقاد الفساد والمحسوبية. حملات مثل “nepo kids” على تيك توك سلطت الضوء على الفجوة بين النخبة والفقراء (دخل الفرد 1400 دولار سنويًا). معدل بطالة الشباب 20.8%، مما زاد من الغضب. في سياق الاستقرار السياسي الهش (أكثر من 12 حكومة منذ 2008)، ساهمت في تعبئة الاحتجاجات.

 الأحداث الجارية: الحظر والاحتجاجات في سبتمبر 2025

في 4 سبتمبر 2025، أصدرت الحكومة أمرًا بحظر 26 تطبيقًا رئيسيًا (بما في ذلك فيسبوك، إنستغرام، يوتيوب، واتساب، X، لينكدإن، ريديت، سناب شات، وبينتريست) لعدم تسجيلهم وفقًا لتوجيهات التواصل الاجتماعي 2080، بناءً على أمر من المحكمة العليا لمكافحة الجرائم الإلكترونية والكراهية. أبقيت على تيك توك، فايبر، نيمباز، ويتوك، وبوبو لايف، بينما تيليغرام وغلوبال دايري قيد الدراسة.

أثار الحظر احتجاجات “جيل Z” في كاتماندو ومدن أخرى، بدءًا من 7 سبتمبر، مع آلاف الشباب يطالبون برفع الحظر ومكافحة الفساد.

تصاعدت الاشتباكات مع الشرطة، التي استخدمت الغاز المسيل للدموع، المدافع المائية، والرصاص المطاطي، مما أسفر عن مقتل 19 شخصًا وإصابة أكثر من 300 بحلول 8 سبتمبر. الاحتجاجات امتدت إلى حرق منازل سياسيين، بما في ذلك منزل رئيس الوزراء كي بي شارما أولي، الذي استقال في 9 سبتمبر بسبب “الوضع الاستثنائي”.

رفعت الحكومة الحظر بعد ذلك، مع إعادة تفعيل المنصات تدريجيًا. استخدم المتظاهرون VPN للتجاوز، مما أبرز التحديات التقنية. أثار الحدث مخاوف دولية بشأن حرية التعبير، مع انتقادات من منظمات مثل لجنة حماية الصحفيين ويونسكو.

رغم التحديات، يظل التواصل الاجتماعي في نيبال محركًا للتغيير والنمو. مع توقعات بزيادة 25% في المستخدمين بحلول نهاية 2025، وتركيز على الذكاء الاصطناعي والفيديوهات، ستستمر المنصات في تشكيل المجتمع.

ومع ذلك، يتطلب التوازن بين التنظيم والحرية جهودًا لتجنب تكرار الأحداث الدراماتيكية. في النهاية، أصبحت هذه التطبيقات ليست مجرد أدوات تواصل، بل رمزًا للصوت الشبابي في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى