منوعات

فيتامين D: متى يتحول من صديق للصحة إلى خطر يهددها؟

يُعتبر فيتامين D عنصرًا أساسيًا لصحة الجسم، حيث يدعم صحة العظام، يعزز المناعة، ويحافظ على الوظائف الحيوية.

لكن، عندما ترتفع مستوياته بشكل مفرط في الجسم، قد يتحول إلى تهديد صحي خطير يُعرف بـ”سمية فيتامين D” أو “فرط فيتامين D”.

هذه الحالة النادرة، ولكن الخطيرة، تنجم عادةً عن الإفراط في تناول المكملات الغذائية، وليس من التعرض لأشعة الشمس أو الأطعمة.

في هذا التقرير، نستعرض تفاصيل هذه الحالة، أسبابها، أعراضها، مضاعفاتها، وكيفية الوقاية منها.

 ما هي سمية فيتامين D؟

سمية فيتامين D هي حالة تحدث عندما تتراكم كميات زائدة من هذا الفيتامين في الجسم، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكالسيوم في الدم (فرط كالسيوم الدم). هذا التراكم قد يُسبب ضررًا لأعضاء حيوية مثل الكلى والقلب.

وبما أن فيتامين D قابل للذوبان في الدهون، فإنه يُخزن في أنسجة الجسم والكبد، على عكس الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء التي يتخلص منها الجسم بسهولة.

وفقًا لموقع “مايو كلينك”، تحدث هذه الحالة غالبًا نتيجة تناول جرعات عالية من المكملات لفترات طويلة، وليس من مصادر طبيعية مثل الشمس أو الطعام، حيث ينظم الجسم إنتاجه في هذه الحالات.

 الجرعة الزائدة: متى تصبح خطيرة؟

تبدأ سمية فيتامين D عادةً عندما تتجاوز مستويات 25(OH)D في الدم – وهو المؤشر الرئيسي لفيتامين D – 150 نانوغرام/مل، وهو مستوى أعلى بكثير من النطاق الطبيعي (20-50 نانوغرام/مل).

الحد الأقصى الآمن لتناول فيتامين D للبالغين هو 4000 وحدة دولية يوميًا، ما لم يوصِ الطبيب بجرعات أعلى تحت إشراف طبي. الأشخاص الأكثر عرضة لهذه الحالة هم من يتناولون جرعات عالية بوصفة طبية أو من يعانون من اضطرابات في استقلاب فيتامين D، مثل أمراض الكلى أو الكبد.

 الجرعة اليومية الموصى بها

للحفاظ على صحة العظام والمناعة، توصي الجهات الصحية بتناول 600-800 وحدة دولية (15-20 ميكروغرام) يوميًا للبالغين.

قد يحتاج كبار السن إلى جرعات أعلى قليلاً لدعم قوة العظام، بينما يحتاج الأطفال والرضع إلى 400-600 وحدة دولية يوميًا.

يمكن الحصول على فيتامين D من التعرض لأشعة الشمس، الأطعمة المدعمة (مثل الحليب والعصائر)، أو المكملات الغذائية. التوازن هو المفتاح، حيث يؤدي النقص إلى مشاكل مثل هشاشة العظام، بينما الإفراط قد يُسبب التسمم.

 آثار الجرعة الزائدة

تناول كميات كبيرة من فيتامين D يزيد من امتصاص الكالسيوم في الأمعاء ويحفز العظام على إطلاق المزيد من الكالسيوم في الدم، مما يؤدي إلى فرط كالسيوم الدم. هذا الارتفاع يُسبب مشاكل صحية خطيرة، منها:

– الكلى: وفقًا لدراسة في دورية Cureus، يمكن أن يؤدي فرط الكالسيوم إلى تكوّن حصوات الكلى، تلف الكلى، أو حتى الفشل الكلوي في الحالات الشديدة، حيث تفقد الكلى قدرتها على تصفية الفضلات.

– القلب: تشير تقارير المعاهد الوطنية للصحة إلى أن فرط الكالسيوم قد يُسبب اضطرابات في نظم القلب، ارتفاع ضغط الدم، أو في الحالات القصوى، قصور القلب أو النوبات القلبية.

 أعراض سمية فيتامين D

تظهر أعراض السمية بشكل تدريجي وقد تكون غامضة في البداية، مما يجعلها صعبة الربط بتناول الفيتامين. تشمل الأعراض

– المراحل المبكرة: غثيان، تقيؤ، إمساك، فقدان الشهية، فقدان الوزن، التهيج، التعب، والضعف.

– الجفاف: العطش الشديد، جفاف الفم، كثرة التبول، وجفاف الجلد بسبب محاولة الجسم التخلص من الكالسيوم الزائد.

– الجهاز العصبي: صداع، ارتباك، نعاس، وفي الحالات الشديدة، ذهول أو غيبوبة.

– الكلى: ألم الكلى، حصوات الكلى، أو علامات تلف الكلى.

– القلب: عدم انتظام ضربات القلب، ارتفاع ضغط الدم، ألم في الصدر، أو الإغماء في الحالات الخطيرة.

 مضاعفات محتملة

إذا تُركت سمية فيتامين D دون علاج، قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة طويلة الأمد، مثل:

– تلف الكلى: قد تصل الكلى إلى مرحلة الفشل الدائم، مما يستلزم غسيل الكلى.

– مشاكل القلب: تفاقم اضطرابات نظم القلب، مما يُهدد الحياة، خاصة لدى كبار السن أو المصابين بأمراض قلبية.

– مضاعفات أخرى: التهاب البنكرياس، تكلس الأنسجة الرخوة، قرحة المعدة، وأعراض نفسية مرتبطة بفرط الكالسيوم.

 كيفية الوقاية

للوقاية من سمية فيتامين D، يُنصح باتباع التوصيات التالية:

– الالتزام بالجرعة الموصى بها: 600-800 وحدة دولية يوميًا لمعظم البالغين كافية، ويجب استشارة الطبيب قبل تناول جرعات أعلى.

– المراقبة الطبية: إذا وصف الطبيب جرعات عالية، يجب مراقبة مستويات فيتامين D والكالسيوم عبر فحوصات الدم بانتظام.

– تجنب الأطعمة التي تعيق الامتصاص: الأطعمة المصنعة، السكر الزائد، الحبوب غير المنقوعة، والبقوليات النيئة قد تؤثر سلبًا على استفادة الجسم من فيتامين D. يُفضل اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه، الخضراوات، الحبوب الكاملة، والبروتينات قليلة الدهون.

نصائح لصحة القلب والجسم

للحفاظ على صحة القلب والجسم بشكل عام:

– نظام غذائي صحي: تناول الأطعمة الغنية بالفواكه، الخضراوات، الحبوب الكاملة، المكسرات، وأحماض أوميغا-3، مع تقليل الملح، السكر، والدهون المشبعة.

– النشاط البدني: ممارسة 150 دقيقة أسبوعيًا من التمارين المعتدلة مثل المشي أو السباحة.

– الوزن الصحي: الحفاظ على وزن مثالي لتقليل الضغط على القلب.

– تجنب التدخين: لأنه يزيد من مخاطر أمراض القلب.

– إدارة التوتر: ممارسة اليقظة الذهنية، اليوغا، أو تقنيات الاسترخاء.

– فحوصات دورية: للكشف المبكر عن أي مشاكل صحية.

بهذا، يظل فيتامين D عنصرًا حيويًا للصحة، لكنه يتطلب التوازن والحذر لتجنب المخاطر المرتبطة بالإفراط في تناوله.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى