بعد تراجع الدور الأوروبي.. هل يفرض ترامب رؤيته الأمنية في أوكرانيا؟

تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن تهميش الدور الأوروبي في الأزمة الأوكرانية، حيث لم يعد الأمر مجرد انطباع سياسي، بل تحول إلى واقع واضح بعد أن استبعدت واشنطن القارة العجوز من صياغة المسارات التفاوضية.
وجاءت الخطوة الأخيرة من الولايات المتحدة لتضع الأوروبيين أمام مأزق جديد، بعدما طلبت منهم تحمّل عبء الضمانات الأمنية لكييف، في وقت تعاني فيه أوروبا من أزمات اقتصادية وانقسامات سياسية عميقة.
أمريكا المستفيد الأكبر
يرى خبراء أن الولايات المتحدة هي الرابح الأكبر من استمرار الحرب، إذ استفادت من مبيعات الأسلحة وارتفاع أسعار الطاقة، في حين تكبّدت أوروبا خسائر اقتصادية هائلة خاصة في قطاع الطاقة والغاز، ما انعكس على اقتصاداتها، وعلى رأسها الاقتصاد الألماني.
المحلل السياسي سمير أيوب أوضح أن روسيا، رغم خسائرها، خرجت بأقل الأضرار مقارنة بما كان يمكن أن يحدث لو انضمت أوكرانيا إلى الناتو، بينما وقعت أوروبا في فخ استراتيجي باهظ التكاليف.
وأضاف أن استمرار الحرب يضمن لواشنطن أرباحًا عسكرية واقتصادية، سواء عبر صفقات السلاح أو من خلال تصدير الغاز بأسعار مرتفعة.
أيوب أشار إلى أن أوروبا باتت أمام خيارين أحلاهما مر: إما الاستمرار في حرب مكلفة بلا نتائج ملموسة، أو القبول بمبادرات سلام قد تصب في مصلحة روسيا، خاصة أن الجيش الروسي وسّع نطاق سيطرته على الأرض مما يضعف موقف أوكرانيا التفاوضي.
“فخ سياسي” جديد
من جانبه، يرى المحلل السياسي كارزان حميد أن تهميش أوروبا لم يكن وليد اللحظة، بل نتيجة مسار طويل من الاعتماد على واشنطن.
وأكد أن إدارة ترامب في ولايته الثانية دفعت أوروبا إلى زاوية حرجة، وأن أمريكا تحاول استغلال الأزمة لتكرار سيناريو الحرب العالمية الثانية عندما دخلت في وقت متأخر وغيرت موازين القوى لصالحها.
وأشار حميد إلى أن الاتحاد الأوروبي يعاني من انقسامات داخلية عميقة، وأن كل دولة تسعى لمصالحها الخاصة، ما جعل بروكسل عاجزة عن اتخاذ مواقف حاسمة.
كما اعتبر أن الضمانات الأمنية التي تسعى كييف للحصول عليها بدعم من باريس ولندن ليست واضحة، بل تمثل غطاءً لإدخال قوات نخبوية تعمل في جمع المعلومات الاستخباراتية.
أزمة مفتوحة على احتمالات خطيرة
في ظل هذا الوضع، يرى مراقبون أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يسعى إلى توريط أكبر عدد ممكن من الدول في حربه، في وقت ضخ فيه الاتحاد الأوروبي مليارات اليوروهات ولا يريد الاعتراف بالخسارة.
وفي المقابل، تبدو واشنطن المستفيد الأكبر من إطالة أمد النزاع، تاركة أوروبا تواجه كلفة حرب ليست حربها.