تهديدات متجددة ومهلة أخيرة.. هل يملك ترامب أوراقًا حقيقية للضغط على موسكو؟

في خضم الغموض الذي يلف الحرب الأوكرانية، عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى لهجة التهديد، معلنًا أنه سيفرض “عقوبات ضخمة” على روسيا خلال أسبوعين إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ينهي النزاع.
تصريحاته، التي جاءت بعد قمة غير حاسمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، أثارت الجدل حول مدى جدية واشنطن وقدرتها الفعلية على تغيير مسار الأزمة.
ترامب قال من المكتب البيضاوي: خلال الأسبوعين المقبلين سنعرف إلى أين ستتجه الأمور، سأقرر ما إذا كنت سأفرض عقوبات ورسومًا ضخمة أو أترك المعركة للأطراف المتحاربة.
ورغم هذه النبرة الحادة، نشر الرئيس الأمريكي صورة ودية تجمعه ببوتين، ملمحًا إلى حضوره كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة، ما أعطى إشارات متناقضة بشأن موقفه.
استعراض سياسي أكثر من ضغط فعلي
يرى خبراء أن واشنطن استنفدت بالفعل معظم أوراقها في مواجهة موسكو، بدءًا من العقوبات الاقتصادية الواسعة، وصولًا إلى الدعم العسكري الكبير لأوكرانيا.
ويؤكد المحلل السياسي محمود الأفندي أن تهديدات ترامب لا تحمل جدية، لاسيما أنه يرافقها دائمًا بمهل زمنية تقلل من تأثيرها، مشيرًا إلى أن أي عقوبات جديدة ستنعكس سلبًا على علاقات أمريكا مع شركائها الكبار مثل الصين والهند والبرازيل.
الأفندي شدد على أن واشنطن تميل اليوم إلى سياسة “الحياد النسبي”، بعدما فشلت العقوبات السابقة في تغيير موقف روسيا، معتبرًا أن التلويح بمزيد من الإجراءات لا يتجاوز كونه “استعراضًا إعلاميًا” في ظل غياب أدوات حقيقية للضغط.
قمة ألاسكا.. إشارات سلام بلا نتائج
من جانبه، قال الدكتور أصف ملحم، مدير مركز “جي إس إم” في روسيا، إن اللقاء بين ترامب وبوتين أظهر وجود نوايا للبحث عن حلول، خصوصًا بعد تراجع ترامب عن شرط وقف إطلاق النار كمدخل للتفاوض.
لكنه أضاف أن الملفات المعقدة، وعلى رأسها قضية تبادل الأراضي، ما زالت تشكل عقبة كبرى، خاصة وأن الدستور الأوكراني يمنع أي رئيس من التنازل عن أراضٍ إلا باستفتاء شعبي أو تعديل دستوري.
ملحم أوضح أن روسيا أبدت مرونة مبدئية تجاه فكرة الضمانات الأمنية لأوكرانيا، لكنها لا تزال ترفض الخوض في تفاصيل حاسمة.
كما رأى أن رغبة ترامب في دفع عملية السلام ترتبط أساسًا بمصالح اقتصادية واستثمارية في الطاقة والمعادن النادرة والفضاء، والتي لن تتحقق دون إنهاء الحرب.
أزمة مؤجلة
مع استمرار التعقيدات، يرجح محللون أن تظل الأزمة الأوكرانية في حالة “تأجيل متكرر” حتى نهاية العام، في ظل اقتراب الاستحقاق الانتخابي الأمريكي عام 2026، الذي قد يدفع ترامب لتخفيف التوتر مع روسيا بحثًا عن مكاسب سياسية داخلية.
باختصار، وبينما يواصل ترامب استخدام لغة التصعيد وإعطاء المهل، تبدو قدرته الفعلية على الضغط محدودة، ما يجعل الأزمة مرشحة لمزيد من المراوحة بدلًا من الانفراج القريب.