أخبار دوليةاقتصاد وتكنولوجيا

الصين تشدد قبضتها على المعادن النادرة وتعطل الصناعات الدفاعية الغربية

في تصعيد جديد ضمن حرب التجارة العالمية، فرضت الصين قيودًا مشددة على تصدير المعادن النادرة الحيوية، مما تسبب في اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد الخاصة بالصناعات الدفاعية الغربية، وأدى إلى تأخيرات في الإنتاج وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

هذه الخطوة، التي أبرزتها صحيفة “وول ستريت جورنال”، تكشف عن النفوذ القوي لبكين على مكونات أساسية للتصنيع العسكري، مما يزيد من حدة التوترات مع الولايات المتحدة.

تعتمد الشركات الدفاعية الغربية بشكل كبير على المعادن النادرة التي توفرها الصين، والتي تشكل نحو 90% من الإمدادات العالمية.

هذه القيود أجبرت الشركات على البحث عن مصادر بديلة، وسط ارتفاع حاد في تكاليف المواد. على سبيل المثال، واجهت شركة أمريكية لتصنيع قطع غيار الطائرات المسيرة تأخيرًا في تسليم طلباتها لمدة شهرين بسبب صعوبة الحصول على مغناطيسات نادرة من مصادر غير صينية.

كما أفاد متداولو السوق بأن أسعار بعض المعادن، مثل السماريوم المستخدم في مغناطيسات محركات الطائرات المقاتلة، قفزت إلى 60 ضعفًا مقارنة بالأسعار العادية، مما رفع تكاليف الأنظمة الدفاعية.

منذ ديسمبر الماضي، وسعت الصين حظرها التصديري ليشمل معادن حيوية أخرى مثل الجرمانيوم والغاليوم والأنتيمون، التي تدخل في إنتاج الذخائر، معدات الرؤية الليلية، ومكونات عسكرية أخرى.

وتُعتبر شركات تصنيع الطائرات المسيرة، خاصة الشركات الناشئة الصغيرة، الأكثر تأثرًا بسبب نقص الموارد والخبرة لتخزين هذه المعادن.

ووفقًا لشركة “جوفيني” لتحليلات الدفاع، فإن أكثر من 80 ألف مكون عسكري أمريكي يعتمد على معادن خاضعة للقيود الصينية، معظمها مرتبط بمورد صيني واحد على الأقل، مما يجعل سلاسل التوريد عرضة لاضطرابات واسعة.

كما شددت الصين متطلبات التوثيق للمعادن المصدرة، مطالبة الشركات بتقديم صور للمنتجات وخطوط الإنتاج للتأكد من عدم استخدامها في أغراض عسكرية.

وفي حالات عديدة، تمت الموافقة على طلبات استيراد المغناطيسات النادرة للأغراض المدنية، بينما تأخرت أو رُفضت طلبات الاستخدامات الدفاعية أو المتعلقة بالطيران.

في محاولة لمواجهة هذا التحدي، استثمر البنتاغون في مشاريع لتطوير مصادر بديلة، حيث وافق في يوليو على استثمار 400 مليون دولار في شركة “أم بي ماتيريالز”، التي تدير أكبر منجم للمعادن النادرة في نصف الكرة الغربي، مع خيار امتلاك 15% من أسهمها.

كما أطلق البنتاغون العام الماضي منتدى المعادن الحيوية لدعم مشاريع سلسلة التوريد في الولايات المتحدة والدول الحليفة، بما في ذلك منح تمويل لشركات التعدين، مثل منحة بقيمة 14 مليون دولار لشركة كندية لإنتاج ركائز الجرمانيوم للأقمار الصناعية العسكرية.

وفي حادثة بارزة، احتجزت الجمارك الصينية شحنة تحتوي على 55 طنًا من الأنتيمون في ميناء نينغبو لمدة ثلاثة أشهر، قبل الإفراج عنها بشرط إعادتها إلى أستراليا بدلاً من إرسالها إلى الولايات المتحدة. وعند وصول الشحنة إلى أستراليا، تبين أن أختامها فُتحت، مما أثار مخاوف من التلاعب أو التلوث.

على الرغم من تخفيف الصين لبعض القيود بعد تنازلات تجارية من واشنطن في يونيو، إلا أنها تواصل فرض سيطرة صارمة على المعادن المستخدمة في التطبيقات الدفاعية، مما يبرز التحديات الكبيرة التي تواجهها الصناعات الغربية في ظل هيمنة بكين على هذا القطاع الاستراتيجي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى