محادثات السلام بين كمبوديا وتايلاند في ماليزيا بمساندة أمريكية

بدأت كمبوديا وتايلاند محادثات سلام في العاصمة الماليزية كوالالمبور، برعاية الولايات المتحدة وماليزيا، التي ترأس حاليًا رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وتأتي هذه الخطوة بعد أربعة أيام من اشتباكات حدودية دامية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصًا (بينهم 13 مدنيًا تايلنديًا و8 كمبوديين) ونزوح ما يزيد على 200 ألف شخص من المناطق الحدودية المتوترة.
الدور الأمريكي
أعلن وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أن وفدًا من الخارجية الأمريكية يشارك في المحادثات لدعم جهود التهدئة، مؤكدًا التواصل المستمر مع الرئيس دونالد ترامب الذي أجرى مكالمات مع رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيه والقائم بأعمال رئيس الوزراء التايلاندي بومتام ويتشاياتشاي لحثهما على وقف القتال.
وحذّر ترامب من أن بلاده لن تمضي قدمًا في أي اتفاقيات تجارية مع أي من البلدين ما لم يتوقف النزاع. كما عبّر عن أمله في أن تؤدي المحادثات إلى استقرار يسمح بعودة المفاوضات الاقتصادية.
الدور الماليزي
اقترح رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، يوم 25 يوليو، وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وعرض استضافة المحادثات في كوالالمبور. وأكد أنور أن الأولوية هي لوقف إطلاق النار وتوفير إطار حوار بنّاء، مع مناقشة الشروط مع الطرفين.
سياق النزاع
بدأ التصعيد يوم الخميس 24 يوليو، بعد إصابة خمسة جنود تايلانديين بانفجار ألغام أرضية، أعقبه تبادل نيران كثيف عند معبدي “تا موين ثوم” و”بريه فيهار”، وهما موقعان متنازع عليهما تاريخيًا.
* تتهم تايلاند كمبوديا باستهداف مواقع مدنية، بينها مستشفى ومحطة وقود، باستخدام صواريخ بعيدة المدى.
* بالمقابل، تتهم كمبوديا الجيش التايلاندي بشن هجمات برية غير مبررة واستخدام دبابات داخل أراضيها.
ويعود أصل النزاع إلى خلافات تعود لعهد الاستعمار الفرنسي، وتفاقم التوتر منذ محاولة كمبوديا تسجيل معبد بريه فيهار كموقع تراث عالمي عام 2008، وتصاعد بعد مقتل جندي كمبودي في مايو 2025.
تفاصيل المحادثات
انطلقت المحادثات رسميًا الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت ماليزيا، بحضور الوفدين الرسميين بقيادة بومتام ويتشاياتشاي عن الجانب التايلاندي، وهون مانيه عن الجانب الكمبودي.
تشارك في تنظيم المفاوضات كل من الولايات المتحدة وماليزيا، مع تأكيد كمبوديا على دور صيني في التنسيق، ما يعكس تنافسًا جيوسياسيًا بين بكين وواشنطن في المنطقة.
التحديات القائمة
رغم انطلاق المحادثات، أفادت تقارير باستمرار الاشتباكات حتى صباح يوم الإثنين، ما يشير إلى صعوبة فرض وقف فوري لإطلاق النار.
تايلاند أعربت عن استعدادها للتهدئة بشرط “نية صادقة” من كمبوديا، بينما تصر كمبوديا على وقف غير مشروط.
ويرى مراقبون أن هذا النزاع يمثل اختبارًا حقيقيًا لتأثير القوى الدولية، حيث ترتبط تايلاند بعلاقات عسكرية وثيقة مع الولايات المتحدة، بينما تقيم كمبوديا تحالفًا استراتيجيًا مع الصين.
ردود الفعل الدولية
* دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى ضبط النفس وتغليب لغة الحوار.
* أدانت منظمة هيومن رايتس ووتش استخدام الذخائر العنقودية في المناطق المأهولة، مطالبة بحماية المدنيين.
* وجّه البابا ليو الرابع عشر نداءً جديدًا من أجل السلام، داعيًا الأطراف إلى إنهاء النزاع فورًا.
التأثير الإنساني
أسفر النزاع حتى الآن عن مقتل أكثر من 35 شخصًا، وإصابة العشرات، مع تدمير واسع للبنية التحتية، من ضمنها مستشفى ومنازل مدنية في تايلاند. كما أدت المعارك إلى نزوح أكثر من 139 ألف شخص من تايلاند و134 ألفًا من كمبوديا إلى مراكز إيواء مؤقتة.
تمثل هذه المحادثات فرصة مهمة لنزع فتيل أسوأ نزاع حدودي بين البلدين منذ أكثر من عقد. إلا أن استمرار الاشتباكات يهدد بعرقلة جهود الوساطة، في وقت يسعى فيه كل من الولايات المتحدة وماليزيا لاحتواء التصعيد، وسط تنامي التأثير الصيني في المنطقة.