
كشفت دراسة دولية حديثة عن علاج كيميائي مبتكر يُعرف باسم “BrECADD” ، يُتيح لمرضى سرطان الغدد الليمفاوية “هودجكين” – لا سيما الشباب – فرصة كبيرة للشفاء مع الحفاظ على خصوبتهم بعد التعافي، دون أن يُضحي بفعالية العلاج في القضاء على الورم.
ويُعد هذا التطور محوريًا، خاصة في ظل ارتباط العلاجات التقليدية بخطر دائم يتمثل في العقم أو ضعف الخصوبة، مما شكل هاجسًا مؤرقًا لدى كثير من الناجين، خصوصًا أولئك الذين يطمحون لتكوين أسرة بعد رحلة العلاج..
ويُعد سرطان “هودجكين” الكلاسيكي من أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الشباب في مقتبل العمر، إلا أن العلاجات الكيميائية التقليدية التي أثبتت فعاليتها في القضاء على الورم، ارتبطت بخطر دائم يتمثل في العقم أو ضعف الخصوبة، ما أثر سلبًا على حياة الناجين ورغبتهم في الإنجاب.
الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة “Lancet Oncology”، أُجريت كتحليل ثانوي ضمن تجربة سريرية واسعة النطاق عُرفت باسم “HD21″، شملت أكثر من 230 مركزًا طبيًا في تسع دول.
وركزت التجربة على مقارنة فعالية وسلامة نظامي العلاج الكيميائي “eBEACOPP” التقليدي و “BrECADD” الجديد لدى مرضى تم تشخيصهم مؤخرًا بمراحل متقدمة من المرض.
يتميز بروتوكول “BrECADD” بأنه يستبدل بعض الأدوية القديمة ذات السمية العالية، مثل “بروكاربازين” المعروف بتأثيره المدمر على الخصوبة، بأدوية أحدث وأقل ضررًا، مثل “داكاربازين”، ما يساهم في تقليل الأثر السلبي للعلاج على الغدد التناسلية دون المساس بفعاليته ضد الخلايا السرطانية. كما يعتمد النظام الجديد على أدوية موجهة تساعد في استهداف الورم بدقة وتجنب الإضرار بأنسجة الجسم السليمة.
وأظهرت نتائج الدراسة أن “BrECADD” يُحقق معدلات استعادة للخصوبة أعلى بكثير مقارنةً بالنظام التقليدي. فبعد أربع سنوات من العلاج، استعاد 95.3% من النساء المعالجات بالنظام الجديد وظيفة المبيض، مقابل 73.3% فقط لدى مجموعة “eBEACOPP”.
أما بالنسبة للرجال، فقد بلغت نسبة استعادة وظيفة الغدد التناسلية 85.6% في مجموعة “BrECADD”، مقارنةً بنسبة لا تتجاوز 39.7% في المجموعة الأخرى.
تُعد هذه البيانات أول دليل سريري شامل يُظهر التأثير الإيجابي المباشر لنظام “BrECADD” على الوظيفة الإنجابية، مما يفتح المجال أمام اعتباره خيارًا علاجيًا أوليًا، خاصةً للمرضى الراغبين في الحفاظ على قدرتهم على الإنجاب بعد التعافي.
ويوصي الباحثون بأن تؤخذ هذه النتائج بعين الاعتبار عند اتخاذ القرار العلاجي، مؤكدين أهمية تضمين تقييم وظائف الخصوبة ضمن الدراسات السريرية المستقبلية للعلاجات السرطانية، بما يضمن نظرة شاملة لفعالية العلاج وتأثيره طويل المدى على جودة حياة المرضى.
يرى الخبراء أن اعتماد بروتوكولات تراعي الجوانب النفسية والاجتماعية للمرضى – إلى جانب الفعالية الطبية – يمثل تطورًا مهمًا في منهجية علاج السرطان.
وبفضل “BrECADD”، بات بإمكان الأطباء الآن الجمع بين مكافحة المرض وصون أحد أبرز أحلام الشباب: الأبوة والأمومة.