تقارير

طالبان تسعى لكسب ود ترامب: هل تنجح في إعادة أمريكا إلى أفغانستان؟

في السابع من يوليو 2025، تتجدد التساؤلات حول إمكانية نجاح حركة طالبان في إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة الولايات المتحدة إلى الساحة الأفغانية، بعد أربع سنوات من الانسحاب الأمريكي المثير للجدل من كابل في أغسطس 2021. وقد شكّل هذا الانسحاب، الذي نفذته إدارة الرئيس السابق جو بايدن، مادة خصبة لترامب خلال حملته الانتخابية، حيث وجه انتقادات حادة لبايدن بسبب تخليه عن قاعدة باغرام الجوية الاستراتيجية وترك معدات عسكرية أمريكية متقدمة بقيمة تقدر بحوالي 7 مليارات دولار بأيدي طالبان.

طوال حملته الانتخابية وبعد توليه الرئاسة في يناير 2025، تجنب ترامب الحديث عن قضايا حقوق الإنسان في أفغانستان، مثل منع طالبان لتعليم الفتيات أو القيود الصارمة على الحياة الاجتماعية، معتبراً إياها شؤوناً داخلية.

وبدلاً من ذلك، ركز على الأولويات الاستراتيجية والاقتصادية، وبالأخص استرداد المعدات العسكرية الأمريكية المتروكة وقاعدة باغرام، التي أشار إلى أهميتها الجيوسياسية نظراً لقربها من مواقع الصواريخ النووية الصينية، حيث تبعد ساعة واحدة فقط عن الصين. وقد ادعى ترامب أن بكين تسيطر الآن على هذه القاعدة، مما يبرر ضرورة استعادتها لتعزيز النفوذ الأمريكي في المنطقة.

طالبان والمعارضة: آمال متضاربة بعودة ترامب

تتطلع طالبان والمعارضة الأفغانية على حد سواء إلى عودة ترامب إلى البيت الأبيض، لكن لأسباب مختلفة. ترى طالبان في ترامب فرصة ذهبية لتعزيز شرعيتها الدولية، مستندة إلى اتفاقية الدوحة التي وقّعها مع الحركة في فبراير 2020، والتي مهدت للانسحاب الأمريكي.

وتسعى الحركة للحصول على اعتراف رسمي من إدارة ترامب بحكومتها كسلطة شرعية في أفغانستان، مما قد يقوض جهود المعارضة الأفغانية التي تعاني من التشرذم وغياب رؤية موحدة. في المقابل، يأمل معارضو طالبان أن يدعم ترامب جهودهم للضغط على الحركة، مستفيدين من مواقفه السابقة المناهضة لسياسات بايدن في أفغانستان.

خطوات براغماتية من ترامب

في مارس 2025، كسرت إدارة ترامب حاجز العزلة مع طالبان بإرسال وفد أمريكي بقيادة المبعوث الخاص لشؤون الرهائن آدم بوهلر إلى كابل، في أول زيارة من نوعها منذ سيطرة طالبان على الحكم. وبعد يومين من هذه الزيارة، ألغت الولايات المتحدة مكافآت مالية كانت قد وضعتها على رأس وزير الداخلية في طالبان، سراج الدين حقاني، واثنين من أقربائه، في خطوة وُصفت بأنها “مفاجئة”.

وأشارت تقارير إعلامية، مثل مجلة “فورين بوليسي”، إلى أن إدارة ترامب تتبنى نهجاً براغماتياً يهدف إلى تحقيق أهداف محددة، مثل إطلاق سراح الأمريكيين المحتجزين لدى طالبان واستعادة المعدات العسكرية، من خلال تقديم تنازلات تعزز من شرعية الحركة دولياً.

طالبان تعزز روايتها والمعارضة تفقد زخمها

استغلت طالبان هذه التطورات لتعزيز روايتها بأنها تمثل أول حكومة موحدة وقوية في أفغانستان منذ عقود، رافضة التفاوض مع المعارضة التي وصفتها بأنها “مشتتة وتسعى لمصالح شخصية”.

وأكد رئيس الاستخبارات الأفغانية السابق، رحمة الله نبيل، أن طالبان تمتلك “رواية واضحة” تفتقر إليها المعارضة، التي فشلت في توحيد صفوفها أو تقديم بديل سياسي مقنع.

ومع بدء دول مثل الصين وروسيا (التي اعترفت رسمياً بطالبان كحكومة شرعية) في التعامل المباشر مع الحركة، بدأت المعارضة تواجه عزلة سياسية متزايدة.

مصالح اقتصادية وجيوسياسية

تزداد جاذبية أفغانستان في ظل تقديرات تشير إلى أن ثرواتها المعدنية تصل قيمتها إلى حوالي 3 تريليون دولار، وهو ما يمثل فرصة اقتصادية كبيرة قد لا يتجاهلها ترامب. وتشير مناقشات داخلية لدى طالبان إلى استعدادها لتقديم عروض اقتصادية مغرية للولايات المتحدة، مقابل تعزيز العلاقات أو رفع العقوبات.

وفي الوقت نفسه، بدأت الأمم المتحدة، بدعم من بريطانيا، مفاوضات مع طالبان لإعادة دمجها في المجتمع الدولي، وهي خطوة رحبت بها الحركة لكنها أثارت غضب المعارضين.

تحديات المستقبل

مع استمرار التعامل الدولي مع طالبان كسلطة الأمر الواقع في أفغانستان، يبدو أن سياسة ترامب قد تميل إلى التفاوض المباشر مع الحركة، بدلاً من دعم المعارضة المفككة.

وتشير التقارير إلى أن ترامب يركز على تحقيق مكاسب ملموسة، مثل استرداد الأسلحة الأمريكية أو ضمان عدم استخدام أفغانستان كقاعدة للإرهاب، خاصة ضد تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خرسان (IS-K).

ومع ذلك، رفضت طالبان طلبات ترامب المتكررة بإعادة المعدات العسكرية، مؤكدة أنها تحتاجها لمحاربة IS-K، مما يعقد المفاوضات.

في النهاية، يبدو أن مسار أفغانستان المستقبلي قد يعتمد على مدى نجاح طالبان في استمالة ترامب من خلال تقديم تنازلات استراتيجية أو اقتصادية، بينما تظل المعارضة الأفغانية على الهامش، عاجزة عن توحيد رؤيتها أو استعادة زخمها السياسي.

ومن المتوقع أن تتضح ملامح سياسة ترامب تجاه أفغانستان بشكل أكبر خلال الأشهر القادمة، خاصة مع تصاعد التفاعلات الدبلوماسية بين واشنطن وكابل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى