إدارة ترامب تتصدى لعلاقات هارفارد بالصين: تصعيد يهدد التعاون الأكاديمي

كشف تقرير عن تصاعد التوتر بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجامعة هارفارد، حيث تستهدف الإدارة علاقات الجامعة مع كيانات صينية، في خطوة قد تشكل بداية حملة أوسع لفصل الجامعات الأمريكية عن التعاون مع الصين، تحت طائلة عقوبات إدارية صارمة.
هارفارد تحت ضغط الأمن القومي
اتخذت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية قرارًا بإلغاء اعتماد جامعة هارفارد ضمن برنامج الطلاب والزوار الدوليين (SEVP)، مما يمنعها من تسجيل طلاب أجانب جدد ويجبر الطلاب الحاليين على الانتقال إلى جامعات أخرى أو خسارة وضعهم القانوني في الولايات المتحدة.
بررت الوزارة هذا القرار باتهامات تتعلق بانتشار معاداة السامية والتمييز العنصري داخل الجامعة، لكن تقريرًا نشره موقع “بوليتيكو” أشار إلى أن العلاقات مع الصين هي السبب الرئيسي وراء هذا الإجراء.
ووفقًا للوزارة، تربط هارفارد علاقات مع قوة شبه عسكرية في إقليم شينجيانغ، ومع جامعات وأفراد صينيين يُزعم ارتباطهم بقاعدة الدفاع الصناعي الصيني. استندت هذه الادعاءات إلى معلومات مستمدة من مواقع هارفارد الإلكترونية وأبحاث أكاديمية.
رغم ذلك، نجحت هارفارد في الحصول على أمر قضائي فيدرالي لتعليق قرار الوزارة مؤقتًا، مما يعكس قدرتها على مواجهة هذه الضغوط.
هل هي ذريعة لفرض تغييرات؟
تعتبر هارفارد وأوساط أكاديمية أخرى أن هذه الإجراءات ليست سوى ذريعة للضغط عليها لتعديل سياساتها في القبول والتوظيف، التي تراها إدارة ترامب معارضة للقيم الأمريكية التقليدية.
وفي هذا السياق، أعربت روزي ليفين، المديرة التنفيذية لصندوق التعليم الأمريكي الصيني، عن قلقها من أن هذه الخطوة تهدف إلى معاقبة هارفارد، محذرة من أن تصنيف جميع الأنشطة ذات الصلة بالصين كتهديد أمني قد يضر بالأبحاث الأكاديمية غير الحساسة.
رد فعل الصين وتبعات دبلوماسية
أثارت هذه الإجراءات استياء بكين، حيث ندد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، بتسييس التعاون التعليمي، مؤكدًا أن الصين ستدافع بحزم عن حقوق طلابها وعلمائها في الخارج.
وفي المقابل، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تعليمات فورية للأقسام القنصلية برفض تأشيرات الطلاب الأجانب المرتبطين بهارفارد، مع إحالة أي استفسارات إلى وزارة الأمن الداخلي.
دعم الكونغرس الجمهوري
تلقت وزارة الأمن الداخلي دعمًا قويًا من النائب الجمهوري جون مولينار، رئيس اللجنة المختارة لشؤون الصين بمجلس النواب، إلى جانب النائبين تيم والبيرغ وإليز ستيفانيك.
هؤلاء النواب أثاروا مخاوف بشأن العلاقات بين هارفارد والصين، مشيرين إلى تهديدات أمنية وأخلاقية في رسالة وجهوها للجامعة. وقد استندت الوزارة إلى هذه الرسالة لتبرير قرارها.
يُعتبر مولينار من أبرز السياسيين الذين يركزون على قطع العلاقات الأكاديمية مع الصين، حيث نجح في يناير 2025 في دفع جامعة ميشيغان لإنهاء تعاونها مع جامعة شنغهاي جياو تونغ.
كما يسعى حاليًا مع والبيرغ لإغلاق حرم جامعة ديوك كونشان في الصين، معتبرين أنه يشكل قناة لنقل الابتكار الأمريكي إلى القطاع العسكري الصيني.
مخاوف من سرقة الملكية الفكرية
تعكس هذه التحركات قلقًا متزايدًا في الأوساط السياسية الأمريكية، بدعم من مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، بشأن احتمال استغلال الصين للتعاون الأكاديمي لسرقة الملكية الفكرية الأمريكية. وتزداد هذه المخاوف مع استمرار التوترات الاقتصادية والتكنولوجية بين واشنطن وبكين.
مستقبل التعاون الأكاديمي في خطر
تشير التطورات إلى أن الجامعات الأمريكية قد تواجه المزيد من التدقيق في الأشهر القادمة. فقد أرسل مولينار استبيانات إلى ست جامعات أمريكية في مارس 2025، يطالبها بتقديم تفاصيل عن طلابها الصينيين ومشاركتهم في برامج العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ورغم رفضه الكشف عن خططه بشأن هذه البيانات، فإن هذه الخطوة أثارت قلق الأوساط الأكاديمية من اتهامات محتملة بانتهاكات الأمن القومي بسبب علاقاتها الدولية.
يُنذر التصعيد بين إدارة ترامب وهارفارد بتداعيات خطيرة على التعاون الأكاديمي بين الولايات المتحدة والصين.
بينما تتمسك هارفارد بموقفها الرافض للضغوط، تستمر الإدارة في استخدام الأمن القومي كأداة لفرض تغييرات على الجامعات، مما يثير تساؤلات حول مستقبل التبادل العلمي والثقافي في ظل هذا التوتر المتزايد.