تقارير

«القبة الذهبية»: مشروع ترامب للدفاع الصاروخي وعلاقته بالتهديدات الصينية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 20 مايو 2025 عن خطط إنشاء منظومة دفاع صاروخي متطورة تعرف باسم “القبة الذهبية”، واصفًا إياها بأنها “مشروع سيغير قواعد اللعبة”، بتكلفة تقدر بحوالي 175 مليار دولار.

الهدف من هذا النظام هو حماية الولايات المتحدة من التهديدات الصاروخية، بما في ذلك الهجمات القادمة من الفضاء، مع توقعات بأن يكون جاهزًا للعمل بحلول نهاية ولاية ترامب الثانية في 2029.

ويأتي الإعلان في ظل تحذيرات استخباراتية أمريكية من تهديدات صينية محتملة تتعلق بصواريخ مدارية نووية.

 تفاصيل منظومة القبة الذهبية

تعد “القبة الذهبية” نظامًا دفاعيًا متعدد الطبقات يهدف إلى رصد واعتراض الصواريخ في جميع مراحل هجوم محتمل:

– مرحلة ما قبل الإطلاق: اكتشاف الصواريخ ومحاولة تدميرها قبل إطلاقها.

– مرحلة الإطلاق المبكر: اعتراض الصواريخ فور إطلاقها خلال الدقائق الأولى (3-5 دقائق) من التحليق.

– مرحلة التحليق في الجو: استهداف الصواريخ أثناء عبورها الفضاء.

– المرحلة النهائية: إسقاط الصواريخ أثناء اقترابها من الهدف.

المنظومة تجمع بين قدرات أرضية وبحرية وفضائية، مع التركيز على نشر أسلحة في الفضاء لأول مرة في تاريخ الدفاع الأمريكي.

تشمل الخطة استخدام أقمار صناعية مزودة بأجهزة استشعار وصواريخ اعتراضية فضائية قادرة على رصد وتدمير الصواريخ في مراحلها الأولية، خاصة خلال مرحلة الإطلاق القصيرة.

وفقًا لتقديرات، قد يتطلب النظام نشر آلاف الأقمار الصناعية (حوالي 16,000 وفقًا لدراسة الجمعية الفيزيائية الأمريكية) لضمان تغطية شاملة ضد هجمات صاروخية محتملة.

المشروع، الذي يقوده الجنرال مايكل غيتلين من قوة الفضاء الأمريكية، يعتمد على تكامل التكنولوجيا الحالية مع ابتكارات جديدة.

وقد أعلن عن تخصيص 25 مليار دولار كتمويل أولي ضمن مشروع قانون شامل يتضمن أولويات ترامب الضريبية والهجرة، مع توقعات بتكاليف تصل إلى 542 مليار دولار على مدى عقدين لتشغيل الأقمار الصناعية الفضائية وحدها.

 علاقة الصين بالقبة الذهبية

يأتي إعلان “القبة الذهبية” في أعقاب تحذيرات استخباراتية أمريكية من تهديدات صينية محتملة تتمثل في تطوير الصين لصواريخ مدارية مزودة برؤوس نووية ضمن نظام يُعرف باسم “القصف المداري الجزئي” (FOBS).

وفقًا لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية (DIA)، قد تمتلك الصين بحلول عام 2035 حوالي 60 صاروخًا مداريًا قادرًا على ضرب الولايات المتحدة من الفضاء في وقت أقصر بكثير مقارنة بالصواريخ التقليدية.

تتميز هذه الصواريخ بقدرتها على الدخول في مدار منخفض الارتفاع قبل العودة لضرب أهدافها، مع إمكانية المرور فوق القطب الجنوبي لتجنب أنظمة الإنذار المبكر الأمريكية، مما يجعل مسارها غير متوقع ويصعب اعتراضها بأنظمة الدفاع الحالية.

هذه القدرات، سواء كانت تقليدية أو نووية، تعد تهديدًا استراتيجيًا كبيرًا، مما دفع إدارة ترامب إلى تسريع تطوير “القبة الذهبية” كإجراء ردع دفاعي.

 ردود فعل الصين وتداعيات استراتيجية

أثارت خطة “القبة الذهبية” قلقًا كبيرًا في بكين وموسكو، حيث أصدرت الصين وروسيا بيانًا مشتركًا في 8 مايو 2025 وصف المشروع بأنه “مزعزع للاستقرار العالمي”، محذرتين من أنه قد يحول الفضاء إلى ساحة للصراع المسلح.

يرى المحللون أن هذا النظام قد يدفع الصين وروسيا إلى تسريع تطوير أسلحتهما النووية والصاروخية لمواجهة الدفاعات الأمريكية، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح فضائي.

خلال الإعلان، رد ترامب على مخاوف سباق التسلح قائلًا إن هذه الفكرة “خاطئة”، مؤكدًا أن الهدف هو حماية الولايات المتحدة وليس استفزاز الدول الأخرى.

ومع ذلك، يحذر خبراء مثل جيفري لويس من أن تطوير مثل هذا النظام قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في الترسانات النووية الصينية والروسية، مما يعقد التوازن الاستراتيجي العالمي.

 التحديات والانتقادات

– التكلفة العالية: تقدر تكلفة النظام بحوالي 175 مليار دولار، مع توقعات بأن تصل تكاليف الأقمار الصناعية الفضائية إلى 542 مليار دولار على مدى 20 عامًا، مما أثار انتقادات من الديمقراطيين مثل السيناتور جاك ريد، الذي وصف التمويل الحالي بأنه “صندوق غامض” بسبب غياب خطة واضحة.

– التحديات التقنية: يُعد النظام مشروعًا هندسيًا معقدًا، حيث يتطلب نشر آلاف الأقمار الصناعية التي تعمل بدقة عالية وسرعة فائقة. يشير الخبراء إلى أن الأنظمة الحالية، مثل الدفاع الأرضي متوسط المدى (GMD)، فشلت في نصف اختباراتها، مما يثير شكوكًا حول جدوى النظام الجديد.

– التأثير الاستراتيجي: يرى البعض أن “القبة الذهبية” قد تعزز الردع ضد هجمات تقليدية ونووية، لكن آخرين يحذرون من أنها قد تؤدي إلى تصعيد التوترات مع الصين وروسيا، مما يزيد من مخاطر سباق تسلح فضائي.

الشركات المشاركة

أبدت شركات مثل لوكهيد مارتن، L3Harris، وRTX اهتمامًا بتطوير مكونات النظام، بينما ذكرت تقارير أن SpaceX، بالتعاون مع Palantir وAnduril، قد تكون من بين المرشحين لتطوير الأقمار الصناعية، على الرغم من نفي إيلون ماسك لتفضيل شركته للمشاركة، مشيرًا إلى تركيز SpaceX على استكشاف المريخ.

 لماذا الآن؟

يأتي الإعلان عن “القبة الذهبية” كرد فعل مباشر على تقارير وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية التي حذرت من تطور قدرات الصين الصاروخية، خاصة نظام القصف المداري الجزئي (FOBS)، إلى جانب تقدم روسيا وكوريا الشمالية وإيران في تطوير صواريخ بعيدة المدى.

ينظر إلى المشروع كجزء من استراتيجية ترامب لتعزيز الأمن القومي الأمريكي في مواجهة تهديدات متزايدة التعقيد، مع التركيز على الفضاء كساحة دفاعية جديدة.

تمثل “القبة الذهبية” طموحًا غير مسبوق لتطوير منظومة دفاع صاروخي شاملة تحمي الولايات المتحدة من تهديدات متطورة، خاصة من الصين التي تُثير قلق واشنطن بسبب صواريخها المدارية المحتملة.

ورغم الوعود بحماية شاملة، يواجه المشروع تحديات تقنية وسياسية واقتصادية كبيرة، مع مخاوف من أن يؤدي إلى تصعيد التوترات الدولية، خاصة مع الصين وروسيا.

يبقى السؤال: هل ستكون “القبة الذهبية” درعًا لحماية أمريكا، أم محفزًا لسباق تسلح جديد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى