أخبار عربيةتقارير

استنفار في غرب كردفان مع تقدم الجيش السوداني نحو النهود

أعلنت الإدارة المدنية بولاية غرب كردفان، غرب السودان، يوم الأحد 18 مايو 2025، حالة الطوارئ العامة وأطلقت دعوة للتعبئة والاستنفار الشامل في جميع مناطق الولاية، في ظل تصاعد التوترات العسكرية بالمنطقة.

ووجه رئيس الإدارة المدنية، يوسف عليان، نداءً عاجلاً للإدارات الأهلية والقطاعات الحيوية بالولاية، داعياً إياهم إلى تقديم الدعم الكامل لقوات الدعم السريع (RSF) في المحاور المتقدمة للقتال.

كما أصدر تعليمات صارمة للأجهزة الأمنية بمصادرة جميع سيارات الدفع الرباعي القتالية غير المشاركة في العمليات العسكرية، وإرسالها فوراً إلى مناطق الاشتباكات لتعزيز الجبهات.

 سياق التصعيد العسكري

تأتي هذه التطورات بعد نجاح الجيش السوداني، مدعوماً بالقوات المتحالفة معه، في استعادة مدينة الخوي الاستراتيجية في غرب كردفان يوم 11 مايو 2025، وهي خطوة عززت موقفه في المنطقة. وبحسب مصادر ميدانية، يستعد الجيش الآن للتقدم نحو مدينة النهود، التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في 1 مايو 2025 بعد معارك ضارية أدت إلى انسحاب الجيش من المدينة.

وتُعد النهود مركزاً حيوياً يضم مقر اللواء الثامن عشر التابع للجيش السوداني، وتقع على ممر رئيسي يربط وسط السودان بإقليم دارفور، مما يجعلها ذات أهمية استراتيجية كبرى.

 تطورات السيطرة في غرب كردفان

كانت قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد حققت تقدماً كبيراً في غرب كردفان خلال الفترة الماضية، حيث سيطرت على مدينة الفولة، عاصمة الولاية، في يونيو 2024، كما استولت على النهود ومدينة الخوي في وقت سابق من مايو 2025.

وفي شمال كردفان، تمركزت قوات الدعم السريع في مناطق محدودة مثل أم روابة، بينما يحتفظ الجيش السوداني بالسيطرة على ولاية جنوب كردفان وعاصمتها كادوقلي.

وتشير تقارير إلى أن قوات الدعم السريع تواجه ضغوطاً متزايدة بعد خسارتها الخوي، مما دفع الإدارة المدنية إلى إعلان التعبئة العامة لدعمها.

 الوضع العسكري والتحالفات

تشهد منطقة غرب كردفان تصعيداً عسكرياً مكثفاً، حيث نفذت القوات الجوية السودانية غارات مكثفة على مواقع قوات الدعم السريع في الخوي ومدينة بارا، مما أسفر عن تدمير معدات عسكرية وخسائر بشرية في صفوف الدعم السريع، بما في ذلك قائد ميداني بارز.

وأفادت مصادر عسكرية بأن الجيش السوداني، بدعم من قوات مشتركة تشمل حركات دارفور المسلحة مثل حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي وحركة العدل والمساواة، استعاد مناطق حيوية مثل العيارة وأم صميمة، ويقترب الآن من استعادة السيطرة على النهود.

من جانبها، تحالفت قوات الدعم السريع مع فصيل عبد العزيز الحلو التابع لحركة تحرير السودان-شمال في جنوب كردفان، حيث شنتا هجمات مشتركة ضد الجيش في مناطق مثل أم عدارا.

ومع ذلك، يواجه الدعم السريع تحديات لوجستية، حيث أشار محللون إلى أن قواته ممتدة عبر جبهات متعددة، مما قد يضعف قدرته على الصمود أمام هجوم الجيش المتوقع على النهود.

الأزمة الإنسانية

تُعد الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع واحدة من أكثر النزاعات تدميراً في المنطقة، حيث تسببت في مقتل أكثر من 150,000 شخص، معظمهم من المدنيين، نتيجة القصف، المجازر، المج Hungry، والأمراض، وفق تقديرات نشرتها صحيفة “لوموند” في نوفمبر 2024.

كما أدى النزاع إلى نزوح أكثر من 13 مليون شخص، بينهم نازحون داخلياً ولاجئون في دول الجوار، وتسبب في مجاعة طالت أكثر من 5 ملايين شخص، مع معاناة 18 مليون آخرين من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

في غرب كردفان، أفادت الأمم المتحدة بفرار أكثر من 7,000 أسرة من النهود والخوي بسبب الاشتباكات الأخيرة، مع نزوح آخرين من مدينة الأبيض خوفاً من اقتراب قوات الدعم السريع.

وتفاقمت الأزمة الإنسانية بسبب انقطاع الكهرباء والمياه، ونقص الغذاء، وتوقف وصول المساعدات الإنسانية، حيث أشار مسؤول عسكري إلى أن 70 شاحنة مساعدات عالقة في شمال كردفان منذ أكتوبر 2024.

يُظهر التصعيد العسكري في غرب كردفان تصميم الجيش السوداني على استعادة السيطرة على المناطق الاستراتيجية، فيما تبذل قوات الدعم السريع جهوداً مضادة للحفاظ على مكاسبها.

ومع إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة، تتجه الأنظار نحو مدينة النهود التي قد تكون مسرحاً لمعركة حاسمة في الأيام القادمة.

وسط هذا الصراع، تظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة أكبر التحديات، حيث يعاني ملايين السودانيين من تداعيات الحرب المستمرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى