أخبار دوليةتقارير

من السلاح إلى السلام: تفكيك حزب العمال الكردستاني ومصير أوجلان قيد الترقب!

هدير البحيري

في تحول وُصف بالتاريخي، أعلن حزب العمال الكردستاني، الاثنين، حل نفسه رسميًا وإنهاء العمل المسلح ضد تركيا، وذلك بعد قرابة 50 عامًا من الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف.

وقال الحزب في بيان، بحسب وكالة فرات للأنباء، الموالية للأكراد إن المؤتمر الثاني عشر للحزب قرر “تفكيك الهيكل التنظيمي للحزب وإنهاء الكفاح المسلح”، في استجابة لدعوة زعيمه عبدالله أوجلان، المعتقل في تركيا، الذي طالب في فبراير الماضي بإلقاء السلاح ووقف القتال.

على مدى ما يقارب خمسة عقود، خاضت تركيا صراعًا داميًا مع حزب العمال الكردستاني، الذي أسسه عبد الله أوجلان عام 1978، في إطار سعي الجماعة لإقامة دولة كردية مستقلة جنوب شرقي البلاد. إلا أن توجهات الحزب تغيرت تدريجيًا في السنوات الأخيرة، لينتقل من المطالبة بالاستقلال إلى الدعوة لمنح الأكراد حكمًا ذاتيًا موسعًا داخل تركيا.

احتفالات في ديار بكر عقب إعلان حل العمال الكردستاني

وشهدت مدينة ديار بكر، ذات الغالبية الكردية، احتفالات شعبية واسعة فور إعلان القرار، حيث خرج آلاف المواطنين إلى الشوارع مرددين شعارات تنادي بالوحدة مثل “الأتراك والأكراد إخوة”، وأدى الشباب رقصات الهلاي التقليدية تعبيرًا عن الفرح بهذه الخطوة غير المسبوقة.

ردود فعل السياسيين الأتراك والأكراد على قرار حل “العمال الكردستاني”

وعلى إثر ذلك، رحب عدد من السياسيين الأكراد بالقرار، من بينهم تونجر بكرخان، الرئيس المشارك لحزب المساواة الشعبية والديمقراطية، والنائبة عن فان، بيرفين بولدان، عضو وفد إمرالي، واصفين التطور بأنه “خطوة نحو السلام والاستقرار”.

وفي أول تعليق رسمي، قال المتحدث باسم حزب العدالة التنمية الحاكم في تركيا، عمر تشليك، إن القرار “خطوة مهمة نحو تحقيق هدف تركيا خالية من الإرهاب”.

وأضاف أن حل التنظيم وتسليم سلاحه بالكامل، بما يشمل تفكيك جميع فروعه وامتداداته، “سيكون نقطة تحول حاسمة”، مؤكدًا أن مؤسسات الدولة ستتابع تنفيذ هذا القرار ميدانيًا عن كثب، مع اطلاع الرئيس رجب طيب أردوغان على جميع مستجدات العملية.

وقال جودت يلماز نائب الرئيس التركي، إن التخلي عن السلاح والقضاء على التهديد الإرهابي، سيفتحان آفاقًا كبيرة لرفع المعايير الديمقراطية والتنموية في تركيا، مؤكدًا أن 86 مليون تركي وكردي وسني وعلوي سيكونون الرابحين في هذه العملية، بينما سيخسر أولئك الذين يمارسون الانفصالية والتمييز.

وأعرب رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش عن ترحيبه بقرار تنظيم “العمال الكردستاني” حل نفسه والتخلي عن السلاح، قائلاً: “ستزهر تركيا بلا إرهاب”.

رحب رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، بقرار حزب العمال الكردستاني بحل تنظيماته، والانصياع لدعوة قائده عبد الله أوجلان.

وأكد بارزاني أن هذه الخطوة التاريخية ستفتح صفحة جديدة للمنطقة، كما أشار إلى إسهامات أردوغان في العملية قائلاً: ” نقدرموقف وجهود الرئيس أردوغان الداعمة للعملية”.

ومن ناحية أخرى، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بإعلان تنظيم “PKK” الإرهابي حل نفسه، معتبرًا القرار خطوة مهمة أخرى نحو حل صراع طال أمده.

أبرز تعليقات الصحف العالمية على قرار حل “العمال الكردستاني”

رويترز: “تداعيات في سوريا والمنطقة”

ذكرت وكالة “رويترز” البريطانية في تقرير، أنه قد يكون لهذا القرار تداعيات سياسية وأمنية واسعة النطاق في المنطقة، بما في ذلك سوريا المجاورة، حيث تقاتل القوات الكردية هناك بالتحالف مع القوات الأمريكية.

العربية: “تحول في علاقات الفصائل الكردية”

وصفت قناة العربية القرار بأنه “تطور يغير موازين القوى”، مشيرةً إلى أنه سيؤثر على علاقة الكيانات الكردية في العراق وسوريا مع تركيا، إيران، والولايات المتحدة.

نيويورك تايمز: “انتصار محتمل لأردوغان”

أما نيويورك تايمز، فعدت الخطوة تطورًا قد “يهز المنطقة”، معتبرة أنها قد تمثل انتصارًا سياسيًا للرئيس التركي أردوغان، رغم الغموض حول مصير قواعد PKK في كردستان العراق.

فرانس برس: “قرار تاريخي”

أشارت وكالة فرانس برس إلى أن ما جرى يُعد “حدثًا تاريخيًا” سيُغير معادلات المنطقة.

ريا نوفوستي: “وقف إطلاق نار وتحذيرات تركية”

ونقلت ريا نوفوستي الروسية عن موقع “رووداو” الكردي أن وقف إطلاق النار بدأ في مارس، فيما عقد مؤتمر في مايو لإعلان الحل رسميًا. وأشار التقرير إلى تحذير أردوغان من “المماطلة”، مستذكرًا فشل دعوات مشابهة لنزع السلاح عامي 2013 و2015.

ما هو مصير عبدالله أوجلان بعد حل حزبه!

بعد القرار المفاجئ والتاريخي بحل حزب العمال الكردستاني (PKK) وإنهاء العمل المسلح ضد تركيا، تتجه الأنظار نحو مصير زعيم الحزب عبد الله أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن منذ عام 1999 في جزيرة إيمرالي.

وفي ظل هذه المرحلة الحاسمة، تُطرح عدة سيناريوهات محتملة بشأن مستقبله، تتراوح بين الإبقاء على الوضع الحالي وحتى إطلاق سراحه.

  • تحويل السجن إلى “قصر إيمرالي”

أحد السيناريوهات المتداولة يقضي ببقاء أوجلان في جزيرة إيمرالي، ولكن ضمن ظروف محسنة تشبه “الإقامة المريحة”، بحسب ما نقله تورهان تشوميز، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب “الجيد”.

وقد يتم السماح له باستقبال الزوار وممارسة بعض الأنشطة، كخطوة رمزية لبدء مرحلة جديدة.

وكانت السلطات قد سمحت له مؤخرًا ببعض الزيارات بعد سنوات من العزلة، في محاولة لاستثمار نفوذه لدفع الحزب نحو حل نفسه.

  • اللجوء السياسي في أوروبا

سيناريو آخر يطرحه خبراء يتمثل في إمكانية نقل أوجلان إلى دولة أوروبية بمنحه صفة لاجئ سياسي، ضمن تفاهمات محتملة بين أنقرة وإحدى العواصم الغربية.

ورغم التعقيدات القانونية والسياسية المرتبطة بهذه الخطوة، إلا أنها تبقى خيارًا مفتوحًا إذا ما تم ربطها بمسار سلام شامل.

  • إطلاق سراح مشروط أو دائم

من الخيارات المطروحة أيضًا استخدام الآليات القضائية لإطلاق سراح أوجلان، بعد قضائه ربع قرن في السجن.

ويستند هذا الخيار إلى مبدأ “الحق في الأمل” الذي أقرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014، والذي ينص على حق السجناء المحكوم عليهم بالمؤبد في إعادة النظر في أوضاعهم بعد 25 عامًا.

هذا السيناريو قد يتطلب تعديلات قانونية وحملة سياسية وإعلامية داخل تركيا لتبرير القرار أمام الرأي العام، خاصة في ظل وجود قوى قومية رافضة لأي تنازل.

  • بقاء الوضع على حاله

في المقابل، هناك احتمال بأن ترفض السلطات التركية إدخال أي تغيير على وضع أوجلان، خاصة مع ضغوط القوميين والمعارضين. غير أن هذا السيناريو يُعد الأكثر خطورة من ناحية تأجيج التوترات، إذ قد يؤدي إلى تراجع حزب العمال الكردستاني عن قراره بالتخلي عن العمل المسلح، ما قد يعرقل عملية السلام.

ترجيحات وتحولات

يرى خبراء أن السيناريو الأقرب للتطبيق سيتحدد بناءً على عدة عوامل، أبرزها موقف القوى السياسية التركية، وضغط الشارع الكردي، إضافة إلى دور المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي في الدفع نحو حل سياسي شامل. كما أن تحسين ظروف أوجلان قد يُعد خطوة رمزية ضرورية لإثبات جدية الدولة التركية في إنهاء واحدة من أطول النزاعات الداخلية في تاريخ الجمهورية الحديثة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى