تقارير

تاريخ العلاقات التجارية بين أميركا وكندا

ظهرت فكرة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا لأول مرة في عام 1855، عندما كانت كندا لا تزال تحت الحكم البريطاني. تم التوصل إلى هذه السياسة من خلال معاهدة المعاملة بالمثل التي وقعتها المملكة المتحدة مع الولايات المتحدة في عام 1854.

كانت هذه المعاهدة تهدف إلى تنظيم التبادل التجاري بين البلدين، إذ سمحت بتخفيض الرسوم الجمركية على السلع المتبادلة.

ومع ذلك، لم تدم هذه الاتفاقية طويلاً، حيث صوت الكونغرس الأميركي في عام 1866 على قرار بإلغاء المعاهدة، مما أنهى التعاون التجاري بين البلدين بعد 11 عامًا فقط من دخولها حيز التنفيذ.

في هذه المرحلة، بدأ رئيس وزراء كندا الأول، جون ماكدونالد، في محاولة إبرام اتفاق تجاري جديد مع الأميركيين. ومع ذلك، لم تكن جهوده ناجحة، مما أدى إلى اتخاذ كندا سياسة اقتصادية انعزالية.

 الانقسام الكندي: دعم ومقاومة التجارة الحرة

بينما كانت كندا تتجه نحو سياسة الانعزال الاقتصادي، استمر النقاش الداخلي حول العلاقة التجارية مع الولايات المتحدة.

دعم الحزب الليبرالي في كندا فكرة التجارة الحرة مع أميركا نظرًا لما اعتبروه فوائد اقتصادية محتملة، بينما كان المحافظون يعارضون هذه الفكرة خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى ارتباط الاقتصاد الكندي ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد الأميركي، مما قد يؤدي إلى ضم كندا للولايات المتحدة.

في انتخابات عام 1911، كانت قضية التجارة الحرة مع أميركا أحد أبرز المواضيع الخلافية بين الليبراليين والمحافظين. في تلك الانتخابات، فاز المحافظون، مما أدى إلى خسارة الليبراليين بقيادة ويلفريد لورييه، وانتهت فترة حكمه.

بين عامي 1935 و1980، أبرم الكنديون والأميركيون العديد من الاتفاقيات لتقليص الرسوم الجمركية بين البلدين.

أحد أبرز هذه الاتفاقيات كان اتفاقية تجارة السيارات الموقعة في عام 1965، التي ألغت الرسوم الجمركية على السيارات والشاحنات والحافلات وقطع السيارات.

ثم في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت كندا والولايات المتحدة في إجراء مفاوضات لتوسيع نطاق التجارة الحرة بين البلدين. ومع بداية عام 1988، تم التوصل إلى اتفاق التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة الأميركية، الذي ألغى جميع القيود أمام تجارة السلع والخدمات بين البلدين.

في عام 1992، تم توقيع اتفاقية التبادل الحر لأميركا الشمالية (NAFTA) التي ضمت كندا والمكسيك والولايات المتحدة، مما أدى إلى إنشاء منطقة تجارة حرة بين الدول الثلاث.

ومع ذلك، أثار هذا الاتفاق جدلًا في كندا، حيث عبّر العديد من السياسيين مثل جون تورنر عن قلقهم من أن هذا التوسع في التجارة الحرة قد يهدد السيادة الكندية ويؤدي إلى تحول كندا إلى الولاية رقم 51 للولايات المتحدة.

 التطورات الحديثة: الرسوم الجمركية في عهد ترامب

في بداية فبراير 2025، اتخذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارًا بفرض رسوم جمركية على السلع القادمة من كندا والمكسيك، مما أثار توترات جديدة بين البلدان الثلاثة. الرئيس ترامب دعا كندا والمكسيك للتعاون مع إدارته في مكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة، كشرط لإلغاء هذه الرسوم الجمركية.

على مر القرون، شهدت العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة تحولًا من سياسة التجارة الحرة إلى فترات من الانعزال السياسي ثم العودة تدريجيًا إلى التعاون الاقتصادي.

بينما يظل النقاش حول التجارة الحرة مستمرًا، تؤكد هذه المسيرة الطويلة على تعقيدات العلاقة التجارية بين الجارتين والأثر المتبادل الذي أحدثته اتفاقيات التجارة الحرة عبر العصور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى