أهداف تركيا في سوريا بعد سقوط حلب وحماة
شهدت سوريا تحولات كبيرة مع سيطرة هيئة تحرير الشام وحلفائها من الفصائل المسلحة على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية، والريف الشمالي لحمص. هذه التطورات تأتي بعد أسبوع من إحكام الفصائل سيطرتها على مدينة حلب.
هذه التغييرات أثارت تساؤلات حول أهداف تركيا في سوريا، خاصة مع تأرجح سياساتها بين محاولات تطبيع العلاقات مع دمشق وتدخلاتها في النزاع العسكري.
الدور التركي في المواجهات الأخيرة
تضاربت الروايات بشأن مدى تورط تركيا في العمليات العسكرية الأخيرة التي أطلقتها الفصائل المسلحة تحت اسم “ردع العدوان”.
المحلل السياسي التركي محمد زاهد غول أشار إلى أن أهداف تركيا تطورت منذ 2016، إذ تحولت من السعي لإسقاط النظام السوري إلى حماية أمنها القومي ومحاربة الجماعات الكردية.
تركيا أطلقت عمليات عسكرية متتالية مثل درع الفرات ونبع السلام، وهي تستهدف حاليًا السيطرة على مناطق جديدة مثل منبج بعد إحكام قبضتها على تل رفعت مؤخرًا.
أوراق الضغط التركية: أهداف متعددة
بحسب مراقبين، تسعى تركيا لاستغلال مكاسب العمليات العسكرية لفرض أوراق ضغط جديدة في المفاوضات السياسية. الهدف المعلن لأنقرة هو طرد قوات سوريا الديمقراطية من المناطق الحدودية، لكن هناك أبعادًا أخرى تشمل:
– تعزيز موقعها التفاوضي مع روسيا وإيران.
– الضغط على دمشق لإيجاد حل سياسي يُرضي تركيا.
– تحقيق مكاسب اقتصادية بفتح معابر تجارية بين سوريا وتركيا.
– إعادة ملايين اللاجئين السوريين من تركيا إلى سوريا.
القراءة الكردية للتطورات
من الجانب الكردي، يرى نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات، أن تركيا تسعى لتصوير القضية الكردية كتهديد انفصالي. لكنه أشار إلى أن الأحزاب الكردية لم تطالب يومًا بالانفصال أو الاستقلال عن سوريا، بل تدعو إلى حل القضية ضمن دستور جديد يعترف بحقوق الأكراد وخصوصية مناطقهم.
خليل اعتبر أن أهداف تركيا تتجاوز محاربة الأكراد، إذ تسعى أيضًا لإضعاف إيران وإعادة ترتيب المشهد العسكري لصالحها.
تباين الأولويات التركية: من وحدة سوريا إلى إسقاط الأسد
المحلل السياسي التركي جواد جوك أكد أن تركيا، رغم إعلانها دعم وحدة الأراضي السورية، باتت تسعى الآن إلى إسقاط نظام الأسد على المدى البعيد. أشار إلى وجود دعم تركي للفصائل المسلحة، وأن العمليات الأخيرة تصب في مصلحة أنقرة لتحقيق أهدافها الإقليمية.
كما لفت إلى وجود توافق غير معلن بين تركيا وإسرائيل، حيث تسعى الدولتان لإخراج إيران من سوريا.
تداعيات سقوط حماة وحلب: الطريق إلى دمشق؟
المحلل السوري غسان إبراهيم اعتبر أن التطورات الميدانية تفتح المجال أمام سيناريوهات جديدة، إذ يرى أن سيطرة الفصائل على حماة وحمص قد تكون مقدمة للتوجه نحو دمشق.
إبراهيم أشار إلى أن ضعف دفاعات الجيش السوري قد يدفع عناصره إلى الانسحاب نحو الساحل السوري، مما قد يمهّد الطريق للفصائل للوصول إلى العاصمة. لكنه أكد أن هذه السيناريوهات تعتمد على الحلول السياسية المرتقبة ومدى تماسك النظام السوري في المرحلة القادمة.
مستقبل المشهد السوري: بين السياسة والميدان
مع سيطرة الفصائل على مناطق استراتيجية، وتدخلات تركيا المستمرة، يبدو أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة من التصعيد العسكري والتجاذب السياسي.
تركيا تسعى لتعزيز مكاسبها العسكرية وتحويلها إلى نفوذ سياسي، في حين تبقى التساؤلات مطروحة حول قدرة دمشق على مواجهة الضغوط الإقليمية، وخصوصًا في ظل غموض المواقف الدولية.