4 تحديات تواجه مواطني إندونيسيا في مصر
عند المرور بشوارع القاهرة التاريخية في الأزهر والحسين والسيدة عائشة وما جاورها من شوارع القاهرة التاريخية، لا بد أن يصادف المرء العديد منهم. مظهرهم هو عنوانهم الأبرز، فالرداء القصير والقبعة السوداء على رؤوسهم يميزان معظمهم. وعلى الرغم من التشابه في ملامحهم مع جنسيات آسيوية أخرى، خاصة من دول جنوب شرق آسيا، إلا أنك لن تجد صعوبة في معرفة أنهم إندونيسيون.
وعن سؤال أحد الأشخاص عن سبب ارتداء الجميع وخاصة الطلاب والشباب لهذه القبعة السوداء، فأجاب: ”إنها قبعة سوكارنو أول رئيس لإندونيسيا الذي يعتبر رمزاً للأمة الآسيوية وعزاً لشعبه“. كان الجواب: ”إنها قبعة سوكارنو، أول رئيس لإندونيسيا، وهو رمز الأمة الآسيوية وفخر شعبه“.
4 تحديات تواجه مواطني إندونيسيا في مصر
ابتسامتهم المترامية الأطراف، وأصواتهم الخفيضة، وأجسادهم النحيلة، وحبهم للعلم، وتقديرهم للعلماء، وإخلاصهم للدين، وحرصهم على الصلاة في وقتها، هي أبرز سمات الإندونيسيين، خاصة طلبة العلم، الذين تركوا وطنهم وجاءوا لتحصيل العلم في جامعة الأزهر التي يعتبرونها مكانًا يجتمع فيه العلماء من كل أنحاء العالم. لقد جاءوا لتحصيل العلم من جميع أنحاء العالم.
حياة ظاهرها البساطة والعفوية، وباطنها القناعة والرضا بالقليل، تحياها الجالية الإندونيسية في مصر، تلك الجالية التي استطاعت أن تخلق لنفسها عالمها الخاص داخل المجتمع المصري المتمايز فكريًا وثقافيًا ودينيًا، وهو ما جعلهم من أكثر الوافدين تمسكًا بتراثهم والمدافعين عن هويتهم رغم محاولات الانصهار المجتمعي.
وجهة الإندونيسيين
رغم عدم وجود معلومات رسمية عن عدد الجالية الإندونيسية في مصر، إلا أن العدد يتأرجح بين 8 و10 آلاف، معظمهم من الطلاب والعلماء (حوالي 80% من حجم الجالية)، إلا أن جامعة الأزهر الشريف هي أكبر حاضنة للطلاب الإندونيسيين في العالم و كما أنها الوجهة الأولى لدراسة العلوم الشرعية والدينية وهي أيضاً الوجهة الأولى لدراسة العلوم الشرعية
وأكد طالب من سومطرة جاء إلى مصر منذ حوالي أربع سنوات لدراسة الشريعة الإسلامية في جامعة عمر الأزهر أن الدراسة في جامعة الأزهر لها جاذبية وروحانية خاصة مقارنة بالجامعات الأخرى في العالم التي تدرس فيها العلوم الشرعية، وأن هذا الكيان العظيم له وأشار إلى أنه يحتل مكانة مرموقة.
وأوضح الشاب البالغ من العمر 21 عامًا أنه جاء إلى القاهرة مع شقيقيه لتلقي العلم ثم عاد إلى بلاده أو عمل في مجال الدعوة في عدة دول آسيوية، وأحيانًا يقوم بتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، وأن أبناء الجالية الإندونيسية في مصر أشاروا إلى أن معظمهم من الطلاب.
وفيما يتعلق بأماكن تجمع الطلاب الإندونيسيين في مصر، أشار عمر إلى أن مناطق “المقطم ومدينة نصر والدراسة والزهراء” هي أكثر المناطق التي يتركز فيها الطلاب الإندونيسيون نظرًا لانخفاض إيجاراتها وقربها من الجامعات، وهذه المناطق تحظى بإقبال خاص من جميع الجنسيات الأخرى وخاصة الآسيويين.
المصاعب الاقتصادية
يعتبر الإندونيسيون أن تكلفة المعيشة في مصر مرتفعة، على الرغم من أن الأسعار في الغالب أقل من البلدان المجاورة. ونتيجة لذلك، يمكث البعض في القاهرة لمدة عام أو أكثر دون العودة إلى ديارهم، من أجل توفير تكاليف تذاكر الطيران ذهاباً وإياباً التي تزيد عن 10,000 جنيه مصري (620 دولار).
“من النادر أن تجد شابًا يعيش بمفرده في شقة، وهذا يعتمد على عدد الغرف، ولكننا على الأقل خمسة أو ستة أشخاص، لذا ندفع جميعًا ما بين 1500 جنيه مصري و2500 جنيه مصري كإيجار، حسب الموقع. يقول أحمد: لا يتحمل شبابنا إلا حوالي 500 إلى 600 جنيه مصري كإيجار بالإضافة إلى نفقاتهم اليومية، وهو أمر صعب للغاية”.
ويضيف الشاب، الذي يدرس في قسم اللغة العربية بالأزهر، أنه يتلقى حوالي 700 جنيه مصري شهريًا من أسرته الإندونيسية، لكن هذا المبلغ لا يكفي سوى للإيجار، مما يضطره للعمل في المكتبة والمحلات التجارية لكسب المال اللازم للمعيشة ومصاريف الدراسة.
وبسؤاله عن الإعانة التي يتقاضاها من السفارة الإندونيسية بالقاهرة، يشير إلى أنه لا يحصل عليها الجميع، بل عدد محدود من الأشخاص الذين يسجلون بالسفارة ويتم الاتصال بهم من وقت لآخر، لكن المبلغ لا يتجاوز بضعة جنيهات، وهو مبلغ لا يكفي لإعالتهم كما يوضح.
وأنهى الطالب الإندونيسي حديثه بأن وضعهم المعيشي ازداد سوءًا منذ تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، فقد فُصل معظمهم من أعمالهم رغم ضآلة ما يحصلون عليه من أجر، إلا أن ملامحهم الآسيوية كانت محل قلق من المصريين الذين يرون أن آسيا (في إشارة للصين) سبب انتشار الفيروس، وعليه يعتقدون أن أي شخص قادم من هناك ربما يكون حاملًا للفيروس رغم أنهم لم يخرجوا من مصر قبل ظهور الوباء.
حماية الهوية
يحرص الإندونيسيون على حماية هويتهم وإحياء تراثهم من خلال أنشطة مختلفة للحيلولة دون اندماجهم الكامل في المجتمع المصري. ففي ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر بالقاهرة يوجد نادٍ متوسط الحجم يسمى نادي الطلبة الإندونيسيين الذي يجمع الطلبة الذين يدرسون في مرحلة التعليم الثانوي والجامعة الأزهرية.
ويحاول الطلاب أن يتعاملوا مع هذا النادي على أنه منظمة ثقافية ورياضية وفنية شاملة لها نظامها وهيكلها الإداري، ويتم انتخاب أعضاء مجلس إدارتها عن طريق انتخابات شفافة، وهو أشبه بمنتدى أو خيمة اجتماعية تجمع أبناء البلد الواحد، يتبادلون فيها المشاكل ويحاولون حلها ودياً.
وهذه المنظمة الاجتماعية هي مكان للنشاطات الثقافية والرياضية والفنية، وتنظم فيها الندوات ويدعى إليها أمير الآجري ورجال الدين من مصر وخارجها، وتنظم فيها رحلات ترفيهية إلى عدة مدن مصرية.
ومن ناحية أخرى يعتبر النادي وسيلة متنوعة لإيصال أخبار الطلبة الإندونيسيين في الخارج إلى أبناء وطنهم مما يسهل التواصل بينهم، ويجعلهم على اطلاع دائم على حياتهم وما حققوه من إنجازات وما قدموه وما يواجهونه من عقبات وكيف يمكن حلها يتم الكشف عن التقدم والتفاصيل.
كما تعمل هذه الكتلة كهمزة وصل بين الطلاب والأزهر الشريف، ويمكن طرح المشكلات على شيخ الأزهر نفسه إذا كانت من المشكلات الخطيرة التي تواجه أبناء الجالية وتتطلب تدخل أحد كبار المسئولين.