أخبار دولية

تحالف أمريكي روسي يهز أوروبا ويعيد رسم خريطة النفوذ العالمي

شروق محمد

بينما تتسارع التحركات الأمريكية الروسية حول مستقبل أوكرانيا، تجد أوروبا نفسها أمام لحظة فارقة قد تحدد مصير موقعها العالمي لعقود. فالقارة التي اعتادت الاتكال على المظلة الأمريكية الأمنية، تكتشف اليوم أنها الطرف الأضعف في معادلة جديدة تعاد صياغتها من دونها.

أوروبا أمام التحالفات 

يكشف المقترح الأمريكي الروسي الأخير بشأن أوكرانيا عن تغيرات عميقة في ميزان القوى، حيث تتقارب واشنطن وموسكو على حساب كييف، في مشهد يعيد إلى الأذهان الاتفاقات التي رسمت حدود القارة في الماضي. هذا التحول يطرح سؤالاً ملحًا: هل تستطيع أوروبا الدفاع عن مصالحها عندما لا تكون جزءًا من التفاوض؟

الإجابة –بحسب خبراء– تبدو غير مطمئنة، فالاتحاد الأوروبي لم يُبنَ ليكون قوة عسكرية في المقام الأول، بل كمنظومة تشريعية واقتصادية هدفها الأساسي تجنب الحروب بين دوله.

خلل يعرقل القرارات

رغم اتساع دور الاتحاد الأوروبي منذ تأسيسه، فإن آليات اتخاذ القرار فيه ما تزال تعاني الجمود. فملفات السياسة الخارجية تتطلب إجماعًا كاملاً بين الدول الأعضاء، وهو ما يؤدي غالبًا إلى شلل سياسي يمنع اتخاذ خطوات حاسمة، مثل استثمار الأصول الروسية المجمدة لصالح الدفاع عن أوكرانيا.

أما منصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد، فبالكاد يمتلك الأدوات اللازمة للعمل، بعدما أصبحت الدول الأعضاء هي صاحبة القرار الفعلي.

من يصنع أدوات الحرب؟

يتصاعد القلق الأوروبي بشأن الإمدادات الحيوية اللازمة لأي صراع مستقبلي، وعلى رأسها المعادن الأرضية النادرة المستخدمة في صناعة الطائرات المسيّرة، والبطاريات، والمغناطيسات المتقدمة.

الصين –الحليف الأقرب لروسيا– تهيمن على أكثر من ثلثي إنتاج هذه المعادن، وقد استخدمتها سابقًا كورقة ضغط على شركات أمريكية، فيما بدأت الولايات المتحدة بالفعل الاستثمار في بدائل محلية. أما أوروبا فما تزال خطواتها محدودة وغير موجهة نحو الصناعة الدفاعية فعليًا.

الرد الأوروبي

هذا الواقع يدفع بعض الدول الأوروبية لتشكيل تكتلات أمنية مستقلة خارج الاتحاد الأوروبي، مثل القوة الاستطلاعية التي تقودها المملكة المتحدة أو مجموعات التعاون بين دول الشمال والبلطيق. الفكرة هنا أن بروكسل بآلياتها البيروقراطية قد لا تكون المنصة المناسبة لمواجهة التحديات الجيوسياسية الطارئة.

ويرى محللون أن هذا “التشظي المنظم” قد يكون الحل الوحيد للتحرك بسرعة وفعالية.

هل زمن الصراع يعود من جديد؟

تتفق الآراء على أن القارة تدخل مرحلة جديدة تشبه ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يُعاد تقييم التهديدات وتشكيل التحالفات. وأبرز هذه التهديدات هو روسيا بقيادة بوتين، التي تعتبرها أوروبا اليوم خصمًا وجوديًا يتطلب موقفًا موحدًا.

لكن توحيد الصف الأوروبي ليس مهمة سهلة؛ فبعض الدول، مثل المجر وبلجيكا، تضع عراقيل أمام العقوبات أو استخدام الأصول الروسية، ما يعمّق الانقسام داخل الاتحاد.

يواجه القادة الأوروبيون الآن تحديًا تاريخيًا: كيف يحافظون على وحدة القارة من الداخل، وفي الوقت نفسه يطورون قدرتها على إظهار القوة خارج حدودها؟

فالعالم يعود من جديد إلى منطق القوة الصلبة، وأوروبا مضطرة للتكيف بسرعة إذا أرادت أن تبقى لاعبًا لا مجرد ساحة يتنافس عليها الآخرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى