اقتصاد وتكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي يكشف عن علاجات مبتكرة للأمراض النادرة

يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في تسريع اكتشاف علاجات جديدة للأمراض النادرة، حيث يساعد في تحليل كميات هائلة من البيانات الجينية والطبية بسرعة تفوق الطرق التقليدية، مما يفتح آفاقًا لإنقاذ حيوات المرضى الذين يعانون من حالات نادرة وصعبة العلاج.

في السنوات الأخيرة، شهدت التطورات في هذا المجال تقدمًا ملحوظًا، خاصة في عام 2025، حيث أدت أدوات الذكاء الاصطناعي إلى إعادة توظيف أدوية موجودة بالفعل وكشف روابط جينية خفية، مما قلل التكاليف والوقت اللازم للتطوير الدوائي.

من أبرز الأمثلة الرائدة، يبرز استخدام تقنية تعلم آلي متقدمة لفحص آلاف الأدوية المعتمدة مسبقًا، بهدف العثور على حلول لأمراض المناعة الشديدة.

في حالة واحدة، ساعدت هذه التقنية في تحديد دواء يُعرف باسم أداليموماب – الذي يُستخدم عادةً لعلاج التهاب المفاصل والقولون التقرحي – كعلاج محتمل لمرض كاسلمان متعدد المراكز المناعي غير المعروف السبب، وهو اضطراب نادر يصيب حوالي 5,000 شخص سنويًا في الولايات المتحدة، ويؤدي إلى عاصفة من الالتهابات الخلوية المفرطة، مما يسبب تورم الغدد الليمفاوية وفشل أعضاء متعدد.

كان المريض في تلك الحالة على وشك الدخول في مرحلة الرعاية التلطيفية بعد فشل عدة علاجات، لكنه حقق هدوءًا كاملاً للحالة بعد حوالي عامين من بدء العلاج بهذا الدواء، الذي عمل على تثبيط بروتين الضرر الورمي (TNF) المرتفع في دم المرضى.

هذا الاكتشاف جاء من خلال تعاون بين باحثين في جامعة بنسلفانيا، حيث بنيت التقنية على بيانات هائلة لتحليل الروابط بين الأدوية والآليات المناعية، وأسسها منظمة غير ربحية تركز على إعادة استخدام الأدوية للأمراض النادرة.

النتيجة لم تقتصر على إنقاذ حياة فردية، بل فتحت الباب لتجارب سريرية جديدة، مثل استخدام مثبط آخر للإنزيمات JAK1/2 في علاج نفس المرض، مما قد يفيد مئات المرضى في الولايات المتحدة وآلافًا حول العالم.

في سياق آخر، طور باحثون في جامعة كارنيجي ميلون أداة ذكاء اصطناعي تُدعى KGWAS، وهي طريقة تعلم عميق تعتمد على رسوم بيانية معرفية لتعزيز دراسات الارتباط الجينومي الواسع (GWAS).

تعمل هذه الأداة ببناء شبكة معرفية هائلة تربط بين المتغيرات الجينية والجينات والبرامج الجينية المشتركة الوظيفة، مستندة إلى بيانات جينومية وظيفية متنوعة تصل إلى 11 مليون رابط.

بالنسبة للأمراض النادرة، التي تؤثر على أقل من 0.01% من السكان وتعاني من نقص في عينات المرضى (غالباً 300 إلى 1,000 فقط)، تسمح KGWAS بكشف روابط جينية دقيقة في مجموعات صغيرة، حيث تكتشف ما يصل إلى 100% أكثر من الارتباطات الإحصائية المهمة مقارنة بالطرق التقليدية، أو تحقق نفس الدقة باستخدام 2.7 أضعاف أقل من العينات.

هذا يعني تسريع التشخيص الجيني، وتحسين فهم الآليات المرضية، ودعم اكتشاف أدوية مستهدفة، مما يجعل العلاج أكثر فعالية وأسرع وصولاً إلى المرضى.

أما في جامعة هارفارد الطبية، فقد أطلق باحثون أداة أخرى تُسمى PDGrapher، وهي نموذج شبكي عصبي يرسم خرائط معقدة للروابط بين الجينات والبروتينات ومسارات الإشارات الخلوية، لتحديد عدة عوامل محركة للمرض وتوقع تركيبات دوائية لاستعادة وظيفة الخلايا الصحية.

على عكس الطرق القديمة التي تركز على هدف واحد، تحاكي هذه الأداة تأثيرات استهداف عناصر متعددة وتصنف الخيارات الفعالة بدقة تصل إلى 35% أعلى، وبسرعة 25 مرة أسرع من المنافسين.

تم اختبارها على 19 مجموعة بيانات تغطي 11 أنواع من السرطان، حيث حددت أهدافًا معروفة مثل KDR لسرطان الرئة غير الخلايا الصغيرة، وكشفت مرشحين جدد مدعومين بأدلة ناشئة.

بالنسبة للأمراض النادرة، يطبق الباحثون PDGrapher حاليًا على اضطرابات الدماغ مثل باركنسون وألزهايمر، وعلى الديستونيا-باركنسون المرتبطة بالكروموسوم X، وهو اضطراب عصبي وراثي نادر، لتحديد جينات أو أزواج جينية للعلاج ومسارات دوائية مخصصة، مما يمهد لعلاجات فردية بعد التحقق السريري.

هذه التطورات تظهر كيف يحول الذكاء الاصطناعي مجال الأدوية من عملية طويلة ومكلفة إلى مسار أكثر كفاءة، خاصة للأمراض النادرة التي غالبًا ما تهمل بسبب قلة المرضى والموارد.

ومع ذلك، يؤكد الخبراء على ضرورة دمج الذكاء الاصطناعي مع الدراسات المخبرية والتجارب السريرية لضمان السلامة، مما يعد بمستقبل أفضل لملايين المصابين حول العالم.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى