سر الهيمالايا ينكشف.. وادي “هاا” ينهي عزلة 3 عقود

بعد أكثر من ثلاثة عقود من العزلة التي جعلته أحد أعظم أسرار جبال الهيمالايا، بدأ وادي “هاا” البوتاني يستقبل العالم الخارجي، ليعيد تشكيل خريطة السياحة في هذه المملكة القديمة.
فبالرغم من أن بوتان فتحت أبوابها للسياح بشكل عام في عام 1974، ظلت هذه البقعة النائية مغلقة بالكامل حتى عام 2002. واليوم، وبعد سنوات من الغموض، سمح لما يقارب 100 شخص فقط بالإقامة في المنطقة لأول مرة.
تبرز عودة الزوار الطبيعة الروحانية الفريدة للوادي، حيث يتجمع السكان والزوار في الخامسة صباحاً في ساحة دير لخانغ كاربو العريق للاستعداد لـ “موكب أب تشوندو لابسويل” السنوي، وهو احتفال يمتد لعشرة كيلومترات، تتصاعد فيه رائحة البخور وسط الضباب، وتتلى الترانيم، قبل أن تدوي طلقة نارية، في مشهد لا يُرى إلا مرة واحدة في العام.
وقد أشارت صحف عالمية إلى أن هذا الموكب هو الأطول في تاريخ الوادي، ويقام احتفاءً بعودة الروح للمنطقة. اشتهر وادي “هاا” بعزلته الشديدة التي كانت تهدف لحماية ثقافته، ويعود جزء من هذا الإغلاق لقربه من الحدود الحساسة أو استخدامه كملعب عسكري حتى منتصف التسعينيات.
وبفضل عزلته التاريخية، يعد “هاا” جنة بيئية لم تمسها الحداثة، حيث يصفه السكان المحليون بـ “كبسولة زمنية”. وتحتضن المنطقة جبالاً زمردية وموائلاً نادرة لأنواع برية مهددة بالانقراض مثل النمور الثلجية، والأغنام الزرقاء، والباندا الحمراء، حيث يضم الوادي أكبر تجمع للباندا الحمراء في بوتان.
كما تعد المنطقة موطناً لزهرة الخشخاش الأزرق، الزهرة الوطنية للبلاد. في غياب الفنادق العالمية، يحافظ وادي “هاا” على الملامح الأصيلة لبوتان القديمة، حيث لا تزال المنطقة تحتضن تقاليد ديانة بون القديمة، ويؤمن السكان بآلهة حارسة للوادي، وتتجلى هذه الروحانية في المهرجانات والرقصات السنوية.
ويتاح للزوار اليوم، عبر شبكة من الإقامات المنزلية، فرصة نادرة للتعرف على الحياة القروية البوتانية الأصيلة، من تذوق جبن “فيلو” إلى تعلم إعداد “هونتي” — الزلابية التقليدية المعدة من 29 مكوناً— مما يوفر تجربة ثقافية عميقة تتجاوز مجرد السياحة العابرة.



