أخبار دولية

تحرك عسكري ياباني… وظهور أول قضية انتهاك حقوق نشر بالذكاء الاصطناعي

في تطور يعكس تغييراً استراتيجياً عميقاً في النهج الدفاعي لليابان، أعلنت حكومة طوكيو، برئاسة رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي، عن استراتيجية لتعزيز الإنفاق العسكري وتوسيع القدرات التصنيعية للأسلحة الوطنية.

يأتي هذا الإعلان كرد فعل على التصعيد العسكري المتسارع من جانب الصين وكوريا الشمالية، إلى جانب الشكوك المتزايدة حول موثوقية الشراكة مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب، كما أبرزته مجلة “الإيكونوميست” في تقريرها الأخير.

تركز خطة تاكايتشي على رفع الحصة الدفاعية إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الحالي المنتهي في مارس المقبل، مع تحسين آليات الاستخبارات ودعم الصناعات العسكرية المحلية.

وفقاً لتقديرات وزارة الدفاع اليابانية، بلغ الإنفاق الدفاعي للعام المالي 2025 نحو 8.7 تريليون ين (حوالي 70 مليار دولار)، مما يمثل 1.6% من الناتج المحلي، مع توقعات بتجاوز الحاجز الـ2% قبل الموعد المحدد في 2027.

هذا الالتزام يأتي بعد تعهدات سابقة في 2022 بتخصيص 43 تريليون ين على مدى خمس سنوات، لكنه يتسارع الآن تحت ضغوط إقليمية ودولية، بما في ذلك مطالب ترامب بزيادة مساهمات الحلفاء في التكاليف العسكرية.

وصول المدمرة JS Chokai إلى كاليفورنيا: خطوة تاريخية نحو القدرة الهجومية

وصلت المدمرة اليابانية “جي إس تشوكاي” (JS Chokai)، وهي من فئة كونغو المزودة بنظام إيجيس للدفاع الجوي، إلى ميناء سان دييغو في كاليفورنيا قبل أسابيع قليلة، لإجراء تعديلات فنية وتدريبات على إطلاق صواريخ كروز توماهوك الأمريكية.

غادرت السفينة قاعدة يوكوسوكا في 29 سبتمبر 2025، وبدأت في 25 سبتمبر تدريبات محاكاة باستخدام ذخيرة وهمية للصواريخ، بدعم من البحرية الأمريكية.

ستستمر المهمة لمدة عام كامل حتى سبتمبر 2026، وتشمل تركيبات هاردوير لنظام التحكم في الصواريخ (Tactical Tomahawk Weapon Control Systems) وتدريب الطاقم على التشغيل الفعال.

هذه المدمرة هي الأولى في أسطول القوات البحرية الذاتية الدفاع لليابان (JMSDF) التي ستُجهز بهذه الصواريخ، والتي تعد رمزاً للانتقال من الدفاع السلبي إلى القدرات الهجومية المباشرة.

وقعت اليابان عقداً في يناير 2024 لشراء 400 صاروخ توماهوك (200 من الطراز Block IV و200 من Block V)، بالإضافة إلى 14 نظام تحكم، مع تسليمات متوقعة بين أبريل 2025 ومارس 2027.

يصل مدى هذه الصواريخ الفرعية الصوتية إلى أكثر من 1600 كيلومتر، مما يتيح الوصول إلى أهداف عميقة في البر الرئيسي الصيني أو كوريا الشمالية، وهو أمر كان يُعتبر تابو دستورياً في اليابان منذ الحرب العالمية الثانية بسبب المادة 9 التي تحظر الحرب الهجومية.

خططت طوكيو لتجهيز ثماني مدمرات إيجيس أخرى، بالإضافة إلى سفنين جديدتين من طراز ASEV تحت الإنشاء، بهذه القدرة. وفي خطوة إضافية، أجرت القوات اليابانية في نوفمبر 2025 اختبارات لنشر نظام صواريخ فرط صوتية (HVGP) للدفاع عن جزر طوكيو من التهديدات البحرية، مع دمج صواريخ توماهوك وصواريخ مشتركة Strike Missiles في الترسانة.

كما دخل الطراز F-35B القتالي الخدمة لأول مرة، مع تعزيز مخزون الذخيرة بناءً على دروس حرب أوكرانيا، وتخطيط لنشر صواريخ محلية الإنتاج طويلة المدى في كيوشو العام المقبل.

 مخاوف إقليمية وتحديات داخلية

أثار هذا التحول قلقاً في آسيا، حيث يحذر مراقبون من اندلاع سباق تسلح جديد، خاصة مع تصريحات تاكايتشي بتعزيز الردع من خلال “الضربات المضادة”. يبرر المسؤولون اليابانيون الخطوات بحماية السيادة أمام التهديدات المتزايدة، مشيرين إلى عدم اليقين في التزام واشنطن بالتحالفات التقليدية تحت ترامب، الذي التقى تاكايتشي في 28 أكتوبر 2025 لتوقيع اتفاقيات تجارية ونووية.

ومع ذلك، يواجه البرنامج تحديات: انخفاض قيمة الين يقلل من قوة الشراء، ويحتاج الجيش الياباني (SDF) إلى سد فجوة في التجنيد بنسبة 10% (تصل إلى 40% في الرتب الدنيا)، مع الاعتماد على تقنيات مثل الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي.

كما تخطط تاكايتشي لإنشاء وكالة استخبارات وطنية، وتعديل قوانين تصدير الأسلحة لتسهيل مشاريع مشتركة مع بريطانيا وإيطاليا وأستراليا، وربما إعادة النظر في المبادئ النووية الثلاثة منذ 1967.

قضية رائدة في حقوق النشر: اتهام بسرقة صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي

في سياق تطورات الذكاء الاصطناعي، أحيل رجل ياباني في الـ27 من عمره، عاطل عن العمل من محافظة كاناغاوا، إلى المدعين العام يوم الخميس 20 نوفمبر 2025، بتهمة انتهاك حقوق النشر لصورة أنشئت باستخدام الذكاء الاصطناعي.

يعد هذا الحادث الأول من نوعه في اليابان الذي يصل إلى مرحلة التحقيق الجنائي، وفقاً لمصادر الشرطة في محافظة تشيبا.

اتهم الرجل بنسخ صورة أنتجها رجل آخر في العشرينيات من عمره عبر إدخال آلاف التوجيهات (حوالي 20,000 برومبت) إلى نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، لإعادة إنتاج صورة محمية بحقوق نشر. استخدم الجاني الصورة على غلاف كتاب باعه في أغسطس 2024 دون إذن.

وفقاً لوكالة الشؤون الثقافية اليابانية، يمكن حماية المواد المولدة بالذكاء الاصطناعي بحقوق نشر إذا عبرت عن أفكار أو عواطف المستخدم من خلال تعديلات محددة، مما يجعل النسخ انتهاكاً.

لم يعتقل الاتهامي، لكن الخبراء القانونيين يرون في القضية سابقة قد تشكل أساساً لقرارات مستقبلية حول الإبداع في عصر الذكاء الاصطناعي، خاصة مع تزايد الجدل حول تشابه الصور المولدة مع أعمال محمية.

هذه التطورات مجتمعة تعيد رسم خريطة الدفاع الياباني، مع التركيز على الاستقلالية والردع، وسط توازن دقيق بين الطموحات والقيود الاقتصادية والديموغرافية.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى