أخبار مصر

مخاوف إثيوبية من استراتيجية مصرية للسيطرة على منافذ البحر الأحمر

في الفترة الأخيرة، أعرب سياسيون وأعضاء في البرلمان الإثيوبي عن مخاوفهم المتزايدة تجاه النشاطات المصرية في كل من جيبوتي وإريتريا، حيث يرون أن هذه التحركات تهدف إلى منع أي نفوذ إثيوبي على شواطئ البحر الأحمر.

زاد من هذه المخاوف تصريحات أدلى بها وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الذي أكد أن إدارة شؤون البحر الأحمر هي مسؤولية حصرية للدول المطلة عليه، نظراً لدورها في ضمان أمنه واستقراره، وحماية موارده، مع تعزيز المصالح المشتركة لشعوبها، وتعزيز مبدأ الملكية الإقليمية في تنظيم أموره.

في خطوة أثارت قلقاً إضافياً في أديس أبابا، بدأت مصر في تنسيق مع جيبوتي وإريتريا لإغلاق أي فرصة لإثيوبيا في الوصول إلى البحر الأحمر أو إنشاء ممر بحري لها.

رداً على استفسارات نواب البرلمان الإثيوبي بشأن غياب المنافذ البحرية لدولتهم، أوضح رئيس الوزراء آبي أحمد أن هذه المسألة تتداخل فيها جوانب قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية معقدة. وشدد على أن فقدان إثيوبيا لمينائها البحري – ويقصد ميناء عصب في إريتريا الذي كان يمنحها سيطرة على أكثر من 2000 كيلومتر من الساحل قبل انفصال إريتريا – حدث دون أساس قانوني أو مؤسسي مشروع. واعتبر أن حل هذه القضية يمثل جزءاً أساسياً من المصالح الوطنية العليا لإثيوبيا.

من جهة أخرى، يؤكد الخبراء أن القانون الدولي يسمح لأي دولة بتأجير موانئها أو منشآتها البحرية لدولة أخرى، مع الحفاظ على السيادة للدولة المالكة.

في سياق التعاون مع إريتريا، شمل اللقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإريتري التأكيد على تعزيز الشراكة لضمان أمن البحر الأحمر، دون التأثير على حركة الملاحة في هذا الممر الحيوي.

كما شدد السيسي على أهمية زيادة التنسيق بين مصر وإريتريا، بالإضافة إلى الدول العربية والأفريقية المجاورة، لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.

ومع ذلك، لم تقتصر جهود مصر على إريتريا، بل امتدت إلى جيبوتي، التي كانت تخدم كمخرج بحري رئيسي لإثيوبيا عبر ميناء دوراليه.

وبدأت القاهرة في تنفيذ بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الرئيس المصري ونظيره الجيبوتي خلال زيارة السيسي إلى جيبوتي في أبريل الماضي. وشمل الاتفاق تنفيذ مشاريع مصرية في جيبوتي، مثل توسعة محطة طاقة الرياح في منطقة جوبيتي، وبناء محطة طاقة شمسية في ميناء الحاويات بجيبوتي، بالإضافة إلى توسعة ميناء الحاويات في دوراليه، الذي يُعد ميناءً حاسماً كان يمثل المدخل البحري الرئيسي لإثيوبيا إلى البحر الأحمر.

يعتبر هذا التحرك خطوة حاسمة لفرض قيود على إثيوبيا، مما يهدد بتقييد تجارتها وممارسة ضغوط اقتصادية مباشرة وغير مباشرة على أديس أبابا.

في هذا الصدد، يوضح اللواء محمد عبد الواحد، الخبير في الأمن الإقليمي، أن مصر قد بدأت في إدارة ميناء دوراليه الاستراتيجي في جيبوتي، الذي يعتمد عليه إثيوبيا في نقل نحو 95% من تجارتها وصادراتها.

وأشار إلى أن هذا القرار يأتي وسط توترات مع إثيوبيا حول سد النهضة، والأوضاع في الصومال، وأمن منطقة القرن الأفريقي، مما دفع مصر إلى التحرك في أعماق استراتيجية بعيدة.

وأكد أن هذه الخطوة تحمل دلالات متعددة، أبرزها حماية الأمن القومي المصري وأمن البحر الأحمر، خاصة أن ميناء دوراليه يقع شمال جيبوتي وقريباً من مضيق باب المندب، مما يتيح تواجداً مصرياً قريباً لحماية الملاحة في قناة السويس والبحر الأحمر من هجمات الحوثيين.

كما أنها تهدف إلى اكتساب نفوذ مباشر على حركة الشحن العالمية، وتمكين مصر من مواجهة التهديدات البحرية في المنطقة، بالإضافة إلى توفير ضغط استراتيجي على إثيوبيا.

ويمنح ذلك القاهرة ورقة قوية في مفاوضات سد النهضة، حيث كانت مصر تفاوض سابقاً دون أدوات ضغط كافية، بينما كانت إثيوبيا تمتلك أوراقاً تجعلها تستمر في التعنت.

وأضاف اللواء عبد الواحد أن هذه الإجراءات تساهم في حصار إثيوبيا وتقييد تجارتها، مما يفرض ضغوطاً اقتصادية عليها، كما توسع النفوذ الإقليمي لمصر وربط موانئها بموانئ أفريقية أخرى لتعزيز اقتصادها.

من الناحية العسكرية والأمنية، يرى أن مصر يمكنها إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي، والتعاون في أمن الطاقة، وبناء محطات طاقة شمسية ورياح، وإقامة مجلس أعمال مصري، وكل ذلك يعيد تشكيل التوازن الاستراتيجي ويعزز مكانة مصر كقوة رئيسية في المنطقة.

بدوره، أفاد مجيد بوزن، أستاذ القانون الدولي في فرنسا، بأن القانون الدولي يدعم التعاون بين الدول في إدارة الموانئ البحرية وتسهيل الشراكات البحرية. وبالتالي، يمكن لأي دولة تأجير موانئها أو مرافقها لدولة أخرى مع الحفاظ على سيادتها.

وأوضح أن القانون يتيح لمصر إقامة قواعد بحرية أو تواجد في موانئ دول أخرى، شريطة وجود اتفاق مشترك. وأشار إلى أن دولاً مثل فرنسا وأمريكا والصين وإيطاليا لديها اتفاقات مشابهة مع جيبوتي، وتواجد في باب المندب، لذا فإن وجود مصر – كدولة كبيرة مطلة على البحر الأحمر – في جيبوتي وباب المندب أمر طبيعي ولا يثير استياءً.

وأكد أن مصالح مصر الاستراتيجية تتطلب تواجداً قريباً من باب المندب وممرات الملاحة الدولية لمنع إغلاق المضيق، مما يحمي حركة الملاحة العالمية وقناة السويس.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى