تقارير

مواقع عسكرية جديدة على حدود بنجلاديش… هل تواجه الهند تهديداً؟

كتبت: سارة محمود

 

تاريخ هندي بنجالي

 

تتميز العلاقات الهندية البنجالية بأنها معقدة، حيث تجمع بين الروابط التاريخية والثقافية العميقة والتعاون الاقتصادي والأمني، وبين التحديات والتوترات السياسية الأخيرة، فقد بدأت العلاقات فيما بين البلدين بعد اندلاع حرب الاستقلال البنجلاديشية في عام 1971 بين باكستان الشرقية وباكستان الغربية. حيث تدخلت الهند في ديسمبر عام 1971 نيابة عن باكستان الشرقية، وساعدت في تأمين استقلالها عن باكستان كدولة بنجلاديش.

في عام 1996، وقّع البلدان معاهدة “تقاسم مياه نهر الجانج” لنهر الجانج، والتي كانت ضرورية للزراعة واحتياجات بنجلاديش المائية.

من عام 2010 إلى عام 2020، قدمت الهند خط ائتمان بقيمة 8 مليارات دولار تقريبًا، واستثمرت في 17 مشروعًا، بما في ذلك الطرق والسكك الحديدية والموانئ.

في عام 2015 ، وبموجب اتفاقية ترسيم الحدود البرية، قسّم البلدان 162 منطقة صغيرة، منهيين بذلك النزاع الحدودي. وفي هذا السياق، منحت الهند بنجلاديش 10 آلاف فدان إضافية من الأراضي.

خلال جائحة كوفيد-19 في عام 2021، زوّدت الهند بنجلاديش بـ 303 مليون لقاح كوفيد-19مجانًا، كما أرسلت أدوية ومعدات للمستشفيات.

في الفترة 2022-2023، بلغ حجم التجارة بين البلدين 1202 مليار دولار، أي ما يعادل 104 تريليون روبية تقريبًا. ويشمل هذا المبلغ في الغالب الضروريات اليومية.

منذ عام 2023، تُرسل الهند 2000 ميغاواط من الكهرباء إلى بنجلاديش يوميًا. علاوة على ذلك، بدأت الهند بتزويد بنجلاديش بالديزل عبر خط أنابيب الصداقة بين الهند وبنجلاديش في عام 2023.

في أعقاب الانتفاضة في بنجلاديش في أغسطس 2024، اضطرت رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى الفرار من البلاد واللجوء إلى الهند. شُكّلت حكومة مؤقتة في بنجلاديش برئاسة محمد يونس. كانت العلاقات الهندية البنجلاديشية قوية خلال عهد الشيخة حسينة، ولكن بعد ذلك، ازدادت أنشطة بنجلاديش المعادية للهند…

في 13 أبريل 2025، حظرت الهيئة الوطنية للإيرادات في بنجلاديش استيراد القطن من الهند عبر موانئ بينابول، وبومرا، وبنجلاباندا، وباريماري، وسونا مسجد.

إقرأ أيضاً: الهند وإسرائيل توقعان اتفاقية دفاعية رئيسية… ما تأثيرها على الشرق الأوسط؟

 

3 نقاط عسكرية جديدة على حدود بنجلاديش

 

وفقًا لمصادر استخباراتية ودفاعية في نيودلهي، أنشأت الهند ثلاث نقاط عسكرية جديدة على حدودها مع بنجلاديش. وتعزز بنجلاديش الآن تقاربها مع الصين وباكستان، الدولة التي تحررت منها بنجلاديش قبل 54 عامًا. وتتدهور العلاقات مع الهند يومًا بعد يوم منذ تولي محمد يونس السلطة في بنجلاديش عام 2024. علاوة على ذلك، في 9 نوفمبر، وبعد 54 عامًا، وصلت سفينة حربية باكستانية “بي إن إس سيف” إلى سواحل بنجلاديش.

 

هل تواجه الهند تهديدا من بنجلاديش؟

 

ويرى إسلام شحته، الباحث في الشؤون الآسيوية، أن التحركات الأخيرة بين الهند وبنجلاديش تعكس إعادة تشكّل للتوازنات الإقليمية أكثر من كونها مواجهة مباشرة. وفيما يلي توضيح لرؤيته حول الأسئلة المطروحة:

ويضيف إسلام شحته في تصريحات خاصة لـ”داي نيوز” أن الهند لا تواجه تهديداً عسكرياً مباشراً من بنجلاديش، لكنّ إنشاء ثلاث قواعد جديدة على الحدود يأتي كخطوة استباقية لتعزيز الحماية حول “ممر سيليجوري” أو ما يُعرف بـ”عنق الدجاج”، وهو شريان حيوي يربط شمال شرق الهند ببقية أراضيها.

ويوضح أن التحرك إذن وقائي في طبيعته، ويهدف إلى منع أي اختراق محتمل من قوى خارجية عبر الأراضي البنجلاديشية، أكثر من كونه استجابة لتهديد فعلي من دكا نفسها.

 

لماذا تغير موقف بنجلاديش من الهند بعد تولي حكومة محمد يونس؟

 

ويشير شحته إلى أن تولي حكومة محمد يونس مثّل نقطة تحوّل في سياسة بنجلاديش الخارجية، إذ سعت القيادة الجديدة إلى تأكيد استقلالية القرار الوطني والابتعاد عن الهيمنة الهندية التي طبعت عهد الشيخة حسينة.

ولفت إلى أن الحكومة الانتقالية الحالية تستخدم إعادة التموضع الخارجي وسيلة لإعادة التوازن في علاقاتها مع القوى الكبرى وكسب شرعية داخلية وخارجية في آن واحد.

 

علاقات باكستانية وصينية جديدة مع بنجلاديش

 

كما يؤكد شحته أن التقارب مع باكستان والصين يحمل دوافع استراتيجية واضحة؛ فبنجلاديش تسعى لتنويع تحالفاتها العسكرية والاقتصادية، والاستفادة من التكنولوجيا والبنى التحتية التي تقدمها بكين، ومن إعادة فتح القنوات الدبلوماسية مع إسلام آباد.

لكنه يحذر من أن هذا النهج محفوف بالمخاطر، لأنه يثير شكوك الهند ويخلق تصورات أمنية سلبية قد تفتح الباب أمام سباق نفوذ جديد في خليج البنغال وجنوب آسيا.

ويقول شحته أن الهند لا تعتبر بنجلاديش عدواً مباشراً، لكنها ترى في التطورات الأخيرة ـ خصوصاً التعاون الدفاعي بين دكا وبكين ـ مصدر قلق استراتيجي؛ ولذلك فإن إنشاء المواقع العسكرية الثلاثة هو إجراء دفاعي واحترازي بالدرجة الأولى، يرمي إلى تعزيز القدرات الردعية الهندية وضمان سرعة الانتشار في حال تغيرت البيئة الأمنية حول الممر الحدودي الحساس.

إقرأ أيضاً: بنجلاديش تطالب الهند بتسليم الشيخة حسينة

 

الهند تضغط بنجلاديش اقتصادياً

 

يرى شحته أن نيودلهي ستواصل مزيجاً من الضغط الاقتصادي والاحتواء السياسي، فهي لا ترغب في خسارة بنجلاديش بالكامل لصالح الصين أو باكستان.

لذلك ستستخدم أدوات النفوذ التجاري والطاقة والمياه، مع الإبقاء على قنوات الحوار مفتوحة لإعادة بنجلاديش إلى دائرة التأثير الهندي، دون الانزلاق إلى صدام مباشر قد يضر بمصالحها الإقليمية.

 

تدهور العلاقات بسبب شيخة حسينة

 

ويختتم شحته بالقول إن غياب شيخة حسينة ـ التي كانت تمثل ركيزة التقارب بين البلدين ـ سيُضعف بطبيعة الحال الثقة السياسية المتبادلة؛ وإذا لم تعتمد الهند سياسة أكثر مرونة تجاه القيادة الجديدة، فقد تتدهور العلاقات تدريجياً.

غير أن شحته يرى أن هذا التدهور ليس قدراً حتمياً، إذ لا تزال لدى الطرفين مصالح اقتصادية وأمنية مشتركة يمكن أن تشكل أساساً لإعادة بناء الثقة إذا أُحسن استثمارها دبلوماسياً.

Sara Mahmoud

سارة محمود كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي والباكستاني خبرة 8 سنوات في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل: فرسان للأخبار الإماراتية، وموقع العين الإخبارية، وأبلكيشن الزبدة الإخباري وداي نيوز الإخباري، ونافذة الشرق الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة، وكذلك كتابة اسكريبت فيديوجراف وإنفوجراف. أهتم بالتحليل السياسي والإعلامي لدول جنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى