ما السر وراء غياب العين اليسرى لتمثال الملكة نفرتيتي؟

يعد تمثال الملكة نفرتيتي واحدًا من أبرز رموز الجمال في العالم القديم، وقد نُحِت على يد النحات المصري تحتمس حوالي عام 1345 قبل الميلاد.
اكتُشف التمثال عام 1912 في تل العمارنة بمصر على يد فريق تنقيب ألماني بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت، قبل أن ينتقل بين عدة متاحف في ألمانيا، ليستقر أخيرًا في متحف برلين الجديد منذ عام 2009.
إلا أن التمثال يثير جدلاً واسعًا بين علماء الآثار وعشاق الفن، بسبب غياب العين اليسرى، الأمر الذي دفع الباحثين إلى طرح عدة تفسيرات محتملة لهذه الظاهرة الغريبة:
1. سقوط العين أثناء الورشة:
اقترح بورشاردت أن قزحية العين اليسرى قد تكون سقطت حين تعرضت ورشة النحات تحتمس للخراب، إلا أن هذه الفرضية تواجه مشكلة، إذ لم يُعثر على أي أثر للعين في أنقاض الورشة.
2. إصابة الملكة بالعين اليسرى:
ذهب بعض الباحثين إلى أن نفرتيتي ربما عانت من مرض أو فقدت عينها اليسرى، لكن هذه الفرضية فقدت مصداقيتها بعد اكتشاف تماثيل أخرى للملكة تحمل عينين سليمتين في المعابد، ما ينفي وجود أي عيب خلقي أو مرضي.
3. العين لم تُصنع عمدًا:
ويُعتبر هذا الرأي الأكثر قبولًا بين كثير من العلماء. يرى عالم المصريات الألماني ديتريش فيلدونغ أن التمثال كان يُستخدم في ورشة تحتمس كأداة تعليمية لتعليم النحاتين كيفية نحت العين من الداخل، ومن ثم لم تُستكمل قزحية العين اليسرى.
4. تدمّر العين بفعل الزمن:
يرى الدكتور زاهي حواس أن النحات صنع العين اليسرى بالفعل، لكنها تضررت أو فقدت مع مرور الزمن.
الجدير بالذكر أن العين اليمنى تحتوي على بطانة بؤبؤية من الكوارتز الأسود مثبتة بشمع العسل، بينما تفتقد العين اليسرى لهذه البطانة، ما يعزز فرضية أن التمثال لم يُستكمل أو كان جزءًا من عملية تعليمية.
يبقى تمثال نفرتيتي لغزًا فنيًا وتاريخيًا يجمع بين الجمال والدقة الفنية، ويثير التساؤلات حول أساليب النحت وأغراضه في مصر القديمة، مؤكّدًا أن كل تفاصيله، بما فيها غياب العين، تحمل قصصًا وتفسيرات متعددة تفتح نافذة على عبقرية الفن المصري القديم.



