منوعات

كيف أنقذ القمر الأرض من الفوضى المناخية وجعلها صالحة للحياة؟

في الوقت الذي تستعد فيه وكالة ناسا لإعادة البشر إلى سطح القمر عبر مهمة «أرتميس» المقرر إطلاقها في فبراير 2026، وتنضم إليها الهند والصين وأوروبا بمشاريع طموحة مماثلة، يبقى القمر أكثر من مجرد وجهة فضائية؛ إنه العنصر الأساسي الذي جعل كوكبنا صالحاً للحياة من الأساس.

يؤدي القمر ثلاث مهام حيوية لا غنى عنها:

1. تثبيت ميل محور الأرض

جاذبية القمر تمنع الأرض من التأرجح العشوائي في ميلانها. لو غاب هذا التثبيت، لتحولت فصول السنة إلى فوضى مناخية كارثية: صيف يستمر عقوداً يغلي الكوكب، ثم شتاء قطبي يجمد كل شيء لعقود أخرى، مما يقضي على أي فرصة لتطور حياة معقدة.

2. خلط محيطات الأرض بالمد والجزر

كل يوم، يسحب القمر مئات المليارات من الأطنان من مياه المحيطات لأعلى ولأسفل. هذه الحركة العملاقة تُوزع الأكسجين والمغذيات في أعماق البحار، وتُجدد الحياة في الشعاب المرجانية، وتُغذي الأسماك التي نأكلها. بدونها، ستتحول المحيطات إلى برك راكدة تختنق تدريجياً.

3. ساعة بيولوجية للكائنات الحية

ملايين الأنواع – من السلاحف البحرية التي تخرج ليلاً عند اكتمال القمر لوضع بيضها، إلى الطيور المهاجرة التي تستخدم ضوء القمر في الملاحة، وحتى المرجان الذي يطلق بيوضه بدقة في ليلة محددة كل عام – تعتمد على دورة القمر كساعة داخلية.

ماذا لو تحرك القمر قليلاً فقط؟

• لو اقترب 50 ألف كيلومتر (أقل من 13% من بعده الحالي):

سترتفع المد والجزر عشرات الأمتار، تغمر مدناً ساحلية بأكملها يومياً، وتُبطئ دوران الأرض تدريجياً حتى يصبح اليوم 40 ساعة أو أكثر.

• لو ابتعد 50 ألف كيلومتر:

ستختفي المد والجزر تقريباً، تتجمد المغذيات في قاع المحيط، ويبدأ محور الأرض في التأرجح، مما يُطلق عصوراً جليدية مفاجئة تليها موجات حر خانقة.

البعد الحالي للقمر – 384,400 كيلومتر – ليس صدفة. إنه الرقم الذهبي الذي سمح للمحيطات بالتنفس، وللمناخ بالاستقرار، وللحياة بالازدهار على مدى 4.5 مليار سنة.

لذلك، عندما نعود إلى القمر العام القادم، لن نذهب فقط لنخطو على ترابه؛ سنذهب لتحية الجار الصامت الذي، منذ ولادة الأرض، يمسك بيدها كل لحظة ليمنعها من السقوط في الظلام.

Mariam Hassan

مريم حسن كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن الهندي ـ الباكستاني و جنوب شرق آسيا خبرة سنتين في مجال العمل الصحفي والإعلامي. أماكن العمل : داي نيوز الإخباري. أعمل على ترجمة وتحرير الأخبار والتقارير الصحفية المتنوعة. تحليل و دراسة التحولات السياسية والتهديدات الأمنية في آسيا وانعكاساتها على الأمن القومي المصري والعربي. متابعة التطورات الاقتصادية والتكنولوجية، وتحليل سياسات القوى الإقليمية وأنماط التحالفات بين جنوب آسيا والشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى