أزمة السودان تتصاعد: صراع الجيش وقوات الدعم السريع يهدد دارفور وكردفان

رغم إعلان قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (المعروف بدقلو)، قبولها بمقترح لوقف إطلاق نار إنساني قصير الأمد في السودان، إلا أن النزاع المستمر منذ أكثر من عامين بين هذه القوات والقوات المسلحة السودانية لا يظهر أي علامات على الاقتراب من الختام.
وتستمر التقارير اليومية عن حوادث عنف متفرقة في عدة محافظات، مما يعكس عدم الاستقرار العام.
لم تعلق الحكومة المدعومة من الجيش حتى اللحظة على الاقتراح الذي قدمته الجهات الوسيطة الدولية بشأن الهدنة الإنسانية، مما يزيد من الغموض المحيط بالمستقبل القريب.
من جانب آخر، يعبر المتخصصون عن مخاوفهم من أن قوات الدعم السريع غير مستعدة فعليًا لتنفيذ هذه الهدنة، مشيرين إلى أنها قد تكون تغطية لتحضيرات هجومية تهدف إلى الاستيلاء على مدينة الأبيض، كما نقلت وكالة فرانس برس.
خطط “استعادة كردفان”
في هذا الإطار، يرى كاميرون هدسون، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن “الدافع الرئيسي وراء موافقة قوات الدعم السريع على الهدنة هو إلهاء الرأي العام عن الانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها في مدينة الفاشر، مع محاولة تصوير نفسها كطرف أكثر مسؤولية مقارنة بالجيش”.
وأوضح هدسون أن الجيش، تحت قيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، يوجه جهوده حاليًا نحو استعادة السيطرة الكاملة على إقليم كردفان، ثم التوغل نحو الفاشر لاحقًا.
وأكد أن “قوات الدعم السريع، بعد سيطرتها التامة على إقليم دارفور، تمتلك دافعًا قويًا لإدخال المواد الغذائية والإغاثية إلى المناطق تحت نفوذها، بينما يسعى الجيش إلى منع أي تعزيزات قد تقوي مواقع الخصم”.
قبضة الدعم السريع على دارفور
لقد نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على مدينة الفاشر قبل أقل من أسبوعين، وهي آخر الملاذات الرئيسية للجيش في دارفور الغربية.
وقد أدى هذا الإنجاز إلى تعزيز سيطرتها على عواصم الولايات الخمس في دارفور، بالإضافة إلى أجزاء واسعة من الجنوب السوداني.
في المقابل، يحتفظ الجيش بسيطرته على العاصمة الخرطوم، والمناطق الشمالية والشرقية والوسطى، بما في ذلك ضفاف نهر النيل ومياه البحر الأحمر.
ورغم أن الخرطوم تشهد هدوءًا نسبيًا منذ استعادة الجيش لها في ربيع العام الجاري، إلا أن قوات الدعم السريع لا تزال تقوم بهجمات متفرقة في مناطق متعددة، مما يحافظ على توتر الوضع.
اشتباكات مستمرة في كردفان
أما في الجنوب، فإن الاشتباكات تتفاقم في كردفان منذ أيام قليلة. فقد تعرضت مدينة الدلنج، التي تحاصرها قوات الدعم السريع في جنوب كردفان، لقصف عنيف يوم الخميس الماضي.
تقع الدلنج على مسافة حوالي 150 كيلومترًا جنوب غرب مدينة الأبيض، وتُعد نقطة تقاطع حيوية تربط بين دارفور والخرطوم. ومع ذلك، أصبحت المدينة، وفقًا للتصنيف المتكامل للأمن الغذائي، عرضة لخطر الجوع الشديد.
كذلك، تواجه مدينة كادوقلي، عاصمة الولاية، تهديدًا مماثلاً بالمجاعة. ويُذكر أن ولاية جنوب كردفان، التي تقع على الحدود مع جنوب السودان، تُعد من أكثر المناطق ثراءً بالموارد الطبيعية في السودان، حيث تضم حقل هجليج النفطي، الذي يُصنف كواحد من أكبر الحقول النفطية في البلاد.
بدأ الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، مما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص ونزوح نحو 12 مليون سوداني داخليًا وخارجيًا، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.



