أخبار دولية

كيف يتحول رأس الادعاء في إسبانيا إلى متهم أمام نفس العدالة التي يمثلها؟

شروق محمد

مدريد – في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الديمقراطية الإسبانية، بدأت المحكمة العليا اليوم محاكمة المدعي العام الاسباني ألفارو جارسيا بتهمة تسريب أسرار تتعلق بتسوية محتملة لجريمة قضائية.

القضية انفجرت بعد تسريب بريد إلكتروني عن طريق المحامي الذي يمثل المدع العام ألفارو و يتناول فيه مقترح تسوية مالية للقضية الضريبية. التسريب الذي وصل للإعلام في مارس الماضي أثار عاصفة سياسية وقضائية، دفعت بآلاف التساؤلات حول الجهة التي سمحت بنشر معلومات تخضع للسرية القانونية.

أصابع الاتهام توجّهت مباشرة نحو النيابة العامة، لتبدأ عملية مراجعة موسعة انتهت بإحالة ألفارو جارثيا أورتيز للمحاكمة باعتباره المسؤول الأعلى عن سرية تلك الوثائق. وبهذا أصبح أول مدعٍ عام في إسبانيا يجلس في مقعد المتهم.

شكلت المحكمة العليا هيئة من سبعة قضاة للنظر في الملف، وتستمع على مدار الأيام المقبلة لأكثر من 40 شاهدًا، من بينهم صحفيون ومسؤولون حكوميون وضباط شرطة. وبحسب التقديرات الأولية، قد يواجه ألفارو عقوبة تصل إلى 6 سنوات سجن، وغرامة تفوق 400 ألف يورو، إلى جانب المنع من تولّي المناصب العامة لمدة تصل إلى 12 عامًا.

في أول مداخلة داخل الجلسة، نفى ألفارو جارسيا جميع الاتهامات، مؤكدًا أنه “لم يأمر بنشر أي معلومات سرّية”، واعتبر نفسه ضحية “تلاعب إعلامي وحملة سياسية”. في المقابل، ترى حكومة مدريد الإقليمية أن التسريب كان محاولة للإضرار بـ ايزابيل دياز أيوسو، سياسية إسبانية تشغل منصب رئيس مجتمع مدريد، عبر استهداف شريكها البرتو جونثاليز.

القضية أخذت بعدا سياسيا حادا في بلد يعيش توترا مستمرا بين الحكومة اليسارية والحزب الشعبي المحافظ، فيما يتابع الرأي العام الجلسات باعتبارها اختبارا مباشرا لمدى استقلال القضاء الإسباني وقدرته على محاسبة قياداته.

إنها ليست مجرد محاكمة رجل، بل اختبار لمدى استقلال القضاء الإسباني وقدرته على محاسبة نفسه.

ومن المنتظر أن تصدر المحكمة العليا حكمها خلال الأسابيع المقبلة، في قضية وصفها مراقبون بأنها “محاكمة العدالة أمام العدالة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى