تيك توك يجند شباب العراق لحرب أوكرانيا والضحايا بالمئات…ماذا يحدث؟

أمام شاشة هاتفها، تجلس الأم العراقية زينب جبار (54 عاماً) تتأمل آخر فيديو لنجلها محمد (24 عاماً) على تطبيق “تيك توك”، يظهر فيه مرتدياً الزي العسكري الروسي في حقل أوكراني.
لم تكن تعلم أن هذا التطبيق سيكون بوابة ابنها إلى حرب بعيدة، وانقطاع ستة أشهر كاملة لم تعرف خلالها إن كان حياً أو ميتاً.
كانت البداية من خلال حملة تجنيد ممنهجة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يروج مؤثرون عراقيون – بعضهم يقاتل في صفوف الجيش الروسي – لرحلات الشباب إلى أوكرانيا. الوعود كانت مغرية: رواتب تصل إلى 2800 دولار شهرياً، ومكافآت توقيع بقيمة 20 ألف دولار، وجوازات سفر روسية.
تقول زينب من منزلها في مدينة المسيب جنوب بغداد: “تيك توك سرق ابني.. ذهب مع وعود كاذبة ولم يعد”. وتضيف: “كم أم عراقية تبكي على فلذة كبدها بسبب فيديوهات خادعة؟”.
تكشف تحقيقات لوكالة فرانس برس عن عشرات الحالات المشابهة. شبان عراقيون من عائلات فقيرة، يجذبهم بريق الدولارات عبر مقاطع فيديو مصممة بإحترافية على “تيك توك” و”تلغرام”. ثلاث عائلات تؤكد أن أبناءها في عداد المفقودين، ورابعة استقبلت جثة ابنها فقط.
إقرأ أيضاً:ألمانيا تحظر جمعية إسلامية وتتهمها بالسعي لإقامة “خلافة”
إحدى الضحايا، فاتن، شقيقة محمد، تقضي أيامها في تتبع حسابات المجندين الإلكترونيين. تصف معاناتها: “أبحث عن أخي بين مقاطع التيك توك.. أتتبع تعليقات المجندين وكأنني في متاهة مظلمة”.
الظاهرة لم تعد سراً. ففي مقاطع “تيك توك”، يظهر مقاتلون عراقيون وهم يروّجون للحرب، بل ويقدمون نصائح عملية للمتطوعين الجدد. أحدهم، عباس حمد الله (27 عاماً)، والمعروف باسم “عباس المناصر”، أصبح نجماً في عالم تجنيد العراقيين عبر السوشيال ميديا.
أما على الأرض، فالحقيقة أكثر قسوة. عائلة محمد سمعت روايات متضاربة: أسير، جريح، مريض، أو قتيل بضربة مسيرة أوكرانية. كل هذا في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، دفعوا ثمنها بعد أن خدعهم بريق الشاشات ووعود الأموال.


